كل السجالات التي تضمنها هذا الكتاب تدور حول موضوعات تخص الظاهرة الإسلامية وهمومها، وهي ليست مرتبطةً بلحظةٍ زمنيّةٍ ما، بل هي وثيقة الصلة بمساحة فكريّة وذهنيّة واسعة من السياق التطوري الممتد للعقل المفكر في الظاهرة الإسلامية.
ثمة دائرتان كبيرتان، تمثلان منطلقاً فكرياً لكثير من الأفكار والآراء التي صِيغت في تضاعيف هذا الكتاب، يمكن إختزالها وتكثيفها في دائرتي (الهوية) و(النهضة).
ففي دائرة الهوية، تتمحور كثير من الأفكار والآراء، حول الدفاع عن الدين، والهوية، والثقافة، والإنتماء، في مواجهة هذا المدّ الثقافي والسياسي العولمي الجارف، الذي ما فتئ يخترق كثيراً من الكُتل الخرسانية الصلبة، التي تُحيط عادةً بالمنظومات الفكرية والثقافية المحافظة... فيما تتمحور أفكار الدائرة الاخرى حول أولوية التقدم، والتطور، والتنمية، والإنفتاح، والنهضة، لمجتمعاتنا العربية الغارقة في محيطٍ من التردي الإقتصادي والسياسي والثقافي.
لقد اتسع فضاء الأفكار، حتى لم يعد ثمة رقعة من الأرض يمكن أن تتوارى مخبوءة عن هذا الطوفان العولمي الجارف، وغدت أحلام الحَجْر الثقافي لفئة من الناس، داخل كانتون فكري مُحاطٍ بأسوارٍ رفيعة، ليست أكثر من أوهام تُداعب خيال الرومانسيين، فيما الأسوار خلفهم تتداعى.