في ليلة باردة، كان مستلقيًا على فراشه القطني الذي بات يلامس أرضية الحجرة، كانت "مدينة" تغط في نوم عميق، يشعر بأنفاسها المضطربة، كما لو أنها تنام بصعوبة، بيد أنه يحاول إسدال عينيه، لكن التفكير في إطعام أولاده وذوي قرابته يسرق منه النوم، لقد عادت الفكرة إليه مجددًا، تلك الفكرة التي تشعره بالاستياء من نفسه، كان بصره في تلك اللحظة مصوبًا نحو الدولاب الذي يحتل حيزًا صغيرًا من مساحة الجدار، دولاب صنع من الخشب وله بابان، كان الباب من جهة اليسار حيث كومة أسماله، يضع فيه الصندوق الذي خصصه لأشيائه الثمينة، بيد أنه لم يكن فيه شيء سوى بضع روبيات، وكيس قماشي احتوى على روبيات غنّام.. ظلام الفكرة يلف رأسه كما يلف المكان والدولاب، لتحوم حول ذلك الصندوق، بوسع هذه الروبيات أن تنقذ عائلته من الجوع، قال في نفسه: إن الجوع يقرص ويدفع بالمرء أن يتصرف على نحو غير أخلاقي، لم لا أستلف منها كدين، وفجأة لمعت في ذهنه فكرة ظلامية: لكن كيف لي أن أسدد الدين والدكان لم يعد يدر أية مدخولات تذكر؟..إلا أنه نهض من فكرته المكتومة مفزوعًا كمن يستفيق من كابوس.
Share message here, إقرأ المزيد
العائدون من الغرق