"موطئ قلم في الشرق الأوسط" اختيار لافت ومتميز من الصحافي والكاتب المتميز فؤاد مطر، لعنوان ثلاثية ليست هي الأولى للكاتب، ولكنها بالتأكيد لتحظى بمكانتها الخاصة بين ما صدر له من كتب عدة وكثيرة التميز. تضم الثلاثية مقالات نشرتها له "الصحيفة العربية الدولية" التي يشير إليها العنوان. وفيما تضمن الجزء الأول، مقالات نشرت في الشرق الأوسط في الفترة ما بين أيار (مايو) 1994 وأيار 1999، فإن هذا الجزء الذي بين أيدينا وهو الثاني ضم بين "دفتيه مقالات نشرها الكاتب في العام 2000 والعام 2002. أما الجزء الثالث فسيخصص لمقالات ما بين العام 2003 ونهاية العام 2005.
وإذا ما عدنا لما بين دفتي هذا الكتاب وهو الثاني في الثلاثية تحت عنوان "سنوات التنبه والندم بعد فوات الآوان" نجد أنه يضم كما أسلفنا مختارات من مقالات فؤاد مطر في الشرق الأوسط في الفترة التي تنتهي عام 2002 بإجابة عن الذي بدأ التحضير له مطلع العام 2000 الذي كان عام الصراع الشرس في الولايات المتحدة على من يترأس الإدارة الأميركية وانتهى بمفاجأة لم تخطر في البال وهي أن قطبي الصراع آل غور المرشح الديمقراطي وجورج بوش الابن المرشح الجمهوري فازا بالرئاسة ولم يفوزا وأعلن كل منهما الفوز إلى أن حسمت البلبلة بفعل صفقة جيء بموجبها الثنائي الجمهوري بوش الابن-ديك تشيني إلى البيت الأبيض يؤسسان معاً لعهد أمريكي جديد أفرز أهوالاً وحروباً وصدمات كانت الأولى من نوعها خلال نصف قرن. وأما الإجابة فتمثلت في أن البروتستانتية السياسية ارتضت أساليب الإذلال التي تمارسها الصهيونية في فلسطين في حق المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء.
وبسبب هذه الأهوال والحروب والصدمات ومنها الحرب على أفغانستان ثم على العراق لاحقاً واستناداً إلى العملية الترويعية في كل من نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر (أيلول)2001، وكذلك إضاءة الضوء الأخضر أمام العدوان الشاروني ومن دون اللون الأحمر عند الضرورة القصوى مع حالات قليلة وعابرة أتيح للضوء البرتقالي أن يوحي بشيء من الطمأنينة... إنه بسبب ما نشير إليه حدثت وقفة عربية متقطعة بدا فيها أهل القرار وهم يتأملون في المشهد الإقليمي والدولي إنه لا بد من التنبه والإحساس بالندم على مواقف حفلت بها المرحلة الماضية... وهي التي يلخصها الكتاب الأول من الثلاثية المعنون "سنوات التنافر والتباغض من المحيط إلى الخليج". وبالعودة إلى المختار من المقالات التي حوتها صفحات ذلك الكتاب نجد إجابة واضحة عن ضرورات التنبه والشعور بالندم... ولو بعد فوات الأوان.
ويبقى أن نوضح في هذا التمهيد ملامح ما في دفتي الكتاب الثاني استحضاراً في الوقت نفسه لما حوته مقالات الكتاب الأول، القول إن من شأن التأمل في مضامين هذه المقالات التأكد بأن السبب في تعاظم المأساة العربية هو أن العبر كثيرة والمعتبرين قليلون... وأحياناً نادرون.
Share message here, إقرأ المزيد
موطئ قلم في الشرق الأوسط، المجموعة الثانية: 2000 - 2002