تفتح علوم تحليل الخطاب للباحثين مسالك الدراسة الأدبية من خلال حقول معرفية متنوعة، وبمقتضى ما تقترحه من آليات التواصل المعرفي بين أنواع الخطابات، وما يمكن أن يحصل من استفادة متبادلة بين علوم الخطاب في كافة مجالات الحياة. فالبحث عن هذه الجمالية الجديدة التي نجدها في التواصل الطبيعيّ اليوميّ، وفي التفاعل الخطابيّ ذي القيمة التداوليّة يقتضي أن ننصرف عن الاهتمام بالاستعارة بصفتها ثوباً جمالياً أو مكوناً من مكونات بلاغة الصورة في دلالتها الأدبيّة الضيّقة التي محورها النصّ المكتوب الراقي أو العالم، إلى الاهتمام بالاستعارة بما هي تربية لغويّة جماليّة وحركة التفاعل بين المتخاطبين في جميع مقامات القول. وتفتح النظريّات التداوليّة والإداركيّة لدارس الإبداع اللغويّ دروباً من التفكير والتنظير كانت مسدودة زمن مركزيّة اللغة الأدبيّة العالمة: فالخطاب الإبداعيّ من زاوية النظر التداوليّة والإدراكيّة والوسائطيّة يتعدّى الخطاب الأدبي في دلالته الجماليّة الفنيّة الضيّقة إلى الإنشغال بأجناس تواصليّة جديدة تقتحم مجال الأدب وتتبوّأ اليوم مركز الصدارة في التواصل الحي بين الأفراد والمجموعات التي تتكلّم اللّغة نفسها. إنّ دراسة مفهوم التواصل الأدبي يمكن أن يكون بديلاً ديناميكياً عن دراسة الأدب بصفته منتوجاً لغوياً جامداً قارّاً.
Share message here, إقرأ المزيد
التواصل الأدبي من التداولية إلى الإدراكية