هذه المقالات المنتقاة هنا بما تطرحه من مقاربات متنوعة في تناول الاستعارة، وجَبَ وضعها في إطار توضيح خلفيَّة تطور التفكير في الاستعارة، وابتعاده عن المعتقل الضيق الذي وضَعَتْهُ فيه المقاربات التقليدية.
لقد برزت أسئلة جديدة بتأثير مما مسَّ عدة مجالات كلاسيكية في الفلسفة وفي النقد وفي اللغة، منذ النصف الثاني من القرن العشرين، مع بروز العلوم المعرفية وتطورها، وتنامي الاهتمام بفلسفة الذهن، وإعادة النظر في عدة مباحث فلسفية. من هذه الأسئلة ما علاقة الاستعارة باللُّغَةِ؟ ما علاقتها بالفكرِ؟ بالاستعمال؟ بالسياق؟ بسلوك الإنسان عامَّةً؟ بالدماغ البشري ومبادئ اشتغاله؟ ما بنيتها الداخلية؟ ما نَسقها العام؟ ما مبادئ نُشوئها؟ ما الآلياتُ اللغوية الفكريَّةُ التي تُمَاثِلُها؟.. إلخ.
من المؤكد أنَّ هذه المقالات لا تحيط بكلِّ هذه الأسئلة، لكنَّها تَنْدرج في المسار التطوري الذي سَلَكَهُ التفكير في الاستمارة خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ وهو مسار ما زلنا نرتاده الآن.
تنتقد هذه المقالات أهم أسس الدرس البلاغي من مشابهة، ولانسقِيَّة، وتنضيد 2 للغة إلى مستويات تعبير، واستبدال للاستعاري بالحرفية (انظر مقال ماكس بلاك، مثلا). كما تربط الاستعارة بمبادئ استعمال اللغة وذرائعها (انظر مقال جون سورل): بل إنَّ للاستعارة علاقة بالعالم نفسه، هذا العالم الذي يمكن عده عاما استعاريًا (انظر مقال صامويل ليفن). وقد يُعَدُّ البناء الاستعاري مما يُعطي الواقع معنى وهو ما يُنبهنا إليه مقال دونالد شون. وإذا نظرنا إلى التواصل بين البشر، رأينا أنَّنا نتحدث عنه استعاريًا لأنَّنا نتصوره كذلك (انظر مقال مايكل ريدي). وهذا كله يؤكد الأبعاد النفسية والمعرفية اللاواعية التي تنبني عليها العبارة الاستعارية، وما تكشفُ عنه مِن تَعالقات في فكرنا (انظر تورنجو). هذه التَّعالقات يمكن تناولها من منظور عصبي (انظر مقال جورج لايكوف): في أدمغتنا يحصُلُ تفعيل عصبي للتخيل، وهو ما يُحدثُ وظائف دماغيَّة ديناميَّةً تتجلى واقعيًا في عمل الدماغ.
مقال جورج تضح هذه المقالات بكثير من الجدل والنقاش، ويُحاوِرُ بعضُها بعضا، وهو ما يُسهم في استخلاص كثير من أوجه هذه الدينامية التي تميز المجهودات التنظيرية للاستعارة.
Share message here, إقرأ المزيد
في نظرية الاستعارة : مقالات منتقاة