انطلاقاً من أن مرحلة الطفولة هي إحدى أهم المراحل في بناء الإنسان بصورة متكاملة، وتكوين شخصيته، وتحديد اتجاهه في المستقبل؛ يعود الكاتب أحمد بن محمد بن يعقوب عبيدي إلى كتاب الله وسُّنَّة رسوله الكريم ليستمد منه ومن أساليبه ومنهجه التربوي مادة يمكن تطبيقها في تربية الطفل في عصرنا، لذلك اختار عنواناً لدراسته {الأساليب النبوية في بناء الشخصية القيادية للطفل وتطبيقاتها التربوية في الأسرة والمدرسة} (صادرة حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون)، إيماناً منه، كما يقول، بأهمية اقتداء الآباء والمربين بهديه، وعملاً بالأساليب النبوية لبناء شخصية الطفل القيادية، على غرار تعامل النبي، مع جيل الصحابة وصغارهم.
سعى الكاتب لتكون هذه الدراسة مساهمة علمية يعرض فيها مفهوم القيادة، وأهمية بنائها منذ مرحلة الطفولة، والتركيز على بعض الأساليب النبوية التي استخدمها في التعامل مع الأطفال والشباب، لبناء شخصياتهم القيادية المبنية على أسس وركائز إسلامية قوية، متكاملة الإعداد والبناء؛ لينهضوا بمسؤولياتهم المستقبلية تجاه مجتمعهم وأمتهم، اقتداءً بخير معلّم ومربٍّ عرفته البشرية، بدلالة قوله تعالى: لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ... (سورة الأحزاب: 21)}.
وبناءً على ما تقدم تطرق الكاتب في هذا العمل إلى الأساليب النبوية في بناء الشخصية القيادية للطفل، من خلال خمسة فصول استهلها بالتعرف إلى مفهوم القيادة في الإسلام، ثم بيان أهمية الطفولة وسماتها في الإسلام، تلا ذلك وضع الأسس لبناء الشخصية القيادية للطفل (البناء العقدي، البناء الأخلاقي، البناء العلمي، البناء الجسمي). ثم جاء صلب الكتاب الذي يقف فيه الكاتب على بعض الأساليب النبوية لبناء الشخصية القيادية للطفل ويقصد بها {مجموعة من الطرائق، والإجراءات المقصودة، أو غير المقصودة في تعامل النبي مع الأطفال والشباب، والتي أثّرت في بناء شخصياتهم، وتنمية مهاراتهم القيادية}، وختم الدراسة بفصل يحوي محاولة لوضع كيفية تطبيق تلك الأساليب النبوية، في مجالين مهمين للطفل خصوصاً، هما الأسرة والمدرسة.
وأخيراً، يأمل الكاتب أن يكون هذا الكتاب لبنة في صرح التربية الإسلامية، وأن يضع للمربين من آباء ومعلمين، نموذجاً لبناء شخصيات أبنائهم بناءً قيادياً، مستعينين في ذلك بهذه الأساليب النبوية، فأي تراث أسمى وأنبل من سيرة القائد المعلم الأول وتربيته!