هل يتوقف لبنان عن اجترار حروبِه الأهلية - الإقليمية؟
بعد 50 سنة على بدايتها لا تزال الجماعات اللبنانية تعيش حتى اليوم (2025) استبطانها إرث تلك الحرب الذي صهرته في "غرائز"ها الطائفية، فصارا مركبًا استأنفته محَوّرًا في ميادين حياتها كلها.
هذا الكتاب يروي سيرًا وشهادات في حروب لبنان.
بقوة السلاح أخرجنا 4 شبان مسيحيين من بيوتهم في حي السريان، واحتجزناهم بمكتب "الصاعقة". اتصلنا هاتفيًا بمكتب حزب "الكتائب اللبنانية" المركزي، وهدّدنا مكلمينا بـ"نصفّيتهم" إذا لم يستجب حزبهم لمبادلتهم بأخي. انتهت المكالمة بشتائم متبادلة، فسقنا الشبان نحو بيت أهلي ببرج أبي حيدر. معصوبي العيون، مغلولي الأيدي خلف ظهورهم، ووجوههم إلى جدار أوقفناهم، ثم ناديتُ أمي لتشاهد إعدامهم وتشفي غليلها ولوعتها على ابنها المخطوف. لما خرجتْ وأبصرت بنادقدنا مصوبة إليهم، نزعت منديلها وركضت نحوهم حافية تصرخُ. وقفتْ وظهرها إليهم خلفها، ثم بسطت ذراعيها وصرخت بنا مرددة: "اقتلوني قبل ما تقتلوهم".
هل ترضى أن تتعرض أختك لما تفعله بي الآن؟ قلتُ للجندي السوري منتحبةً، فشعرت أنني حرمةٌ، ولا يحميني من رعب الاغتصاب سوى شرف الذكور، الوجه الآخر لرغبة الجندي في أخذي فريسة جنسية له. أوقفني على كورنيش الرملة البيضاء. وما أصابني من تقزز وغثيان حيال رجولته وحريميتي، تكرر على رصيف بمدينة ليون الفرنسية، حيث سمعت شابًا جزائريًا يشتم شابًا آخر مثله، ويضربه، صارخًا: "انت راجل، انت؟! انت حرمة". كانت قسوة صوته مجبولة بقوة لكماته التي أسالت الدم من أنف غريمه - الحرمة وفمه.
Share message here, إقرأ المزيد
لعنة لبنان شهادات ومسارات في الحرب الأهلية الإقليمية