إن هذا الكتاب الذي جعلت عنوانه: (المكون المعرفي... والمكون الثقافي) وهو أحد المباحث التي يتكون منها البحث جعلته يتمحور حول الجانب المعرفي بصفة أساسية, وإن كانت تنوعت عناوين المباحث ولكن مدارها جميعاً هو المكون المعرفي, فهو الخيط الذي يربط فيما بينها, وؤلفها في نسق واحد, فتحدثت عن تفاعل الأفكار وفهمها, وانحرافها, وجعلتها ضميمة ترجع إليها المباحث اللاحقة بها, كالحديث عن المكون المعرفي والمكون الثقافي, والنص المقدس وعلاقته بالاجتهاد, والفيلسوف ابن رشد, وأزمة تمثل القيم في واقع المسلمين اليوم, والحديث عن فشل المشروع النهضوي العربي. وأخيراً ختمت الكتاب بالحديث عن إعجاز القرأن الكريم في ضوء اللسانيات المعاصرة.
ولما كانت مباحث الكتاب بهذا القدر من التنوع, فإن نسقاً واحداً يؤلف ما بينها, ألا وهو الإطار المعرفي الذي تتفاعل فيه الأفكار, وخضوعها لضرورة العقل المنتج لها. فالأفكار تتولد بعضها من رحم بعض, ويصحح بعضُها بعضَها الآخر. فما كان منها صواباً بقي, ويكون بدوره فاعلاً ومحركاً لفكر جديد. وما كان منها خطأ انزوى في غياهب النسيان.