دأب مركز دراسات الوحدة العربية على متابعة القضايا التي تشغل الرأي العام، ولا سيما النخب الفكرية والسياسية وصنّاع القرار، من أجل البحث فيها علميًا والتنقيب عن حقائقها، وتسليط الأضواء النقدية عليها، ووضعها بين يدَي القارئ بغية تعميق المعرفة، وتعزيز النقاش حول التطورات التي يشهدها الوطن العربي، وخصوصاً في السنوات القليلة الماضية منذ اندلاع ما يوصف إعلاميّاً بِثورات «الربيع العربي».

ازداد في سيَّاق هذه المرحلة، دورُ حركاتٍ وجماعاتٍ وتيّاراتٍ معتدلة ومتطرفة استندتْ انتقائيًا إلى بعض التراث الفقهي، ولا سيَّما مؤلفات ابن تيميّة، فقدّمت تصوّراتٍ وتحليلاتٍ للقضايا المعاصرة انطلاقًا من هذا التراث، وأقدمت على ممارساتٍ كثيرة أثارت ردود فعل متباينة، وسببت انقساماتٍ واسعة، كل ذلك حدث تحت شعارات فقهية رآها كثير من الباحثين أحادية الجانب، وربما وقعت في خطأ التفسير أحيانًا، وفي فخّ المبالغة أحيانًا أخرى.

يثير الكتاب الذي بين أيدينا الكثير من النقاط الفكرية والمعرفية المهمة بروح الاستقصاء النقدي، فيسلط المؤلف الضوء على أفكار ابن تيمية، مُحاولًا تفكيك خطاب ابن تيمية وتوضيح مشتبهاته وإشكالاته، وتأثيره في عصره وبعد عصره، وصولًا إلى العصر الحالي وعلاقته بفكرة الدولة والإمامة والحاكمية المعاصرة بوجه خاص، ودور فتاويه وأزمة قراءاتها المعاصرة انتقاءً واجتزاءً، كما يؤكد المؤلف ضرورة الاشتباك النقدي مع أدبيات التطرف وتأويلاتها، وإنهاء احتكاره للتراث ومرجعيته، وبخاصةٍ في إسقاطاته على الواقع والراهن المعاصر.

يتضمن الكتاب ستة فصول فضلاً عن المقدمة والمراجع والفهرس