ليس مبالغة القول أن التفكير هو الذي يرفع شعوباً ويضع أخرى، فإذا كان من سبب يجعل بعض الأمم متقدمة وأخرى متخلفة فهو التفكير.
وفي كتاب الله العديد من الآيات التي تحث على التفكير وتبين أهمية التفكير في حياة الإنسان، كما أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنته في مشاوره أصحابه كل ذلك لما يحث على التفكير والتدبر والتعقل.

"والتفكير هو تلك العملية الذهنية التي يتفاعل فيها الإدراك الحسي مع الخبرة والذكاء لتحقيق أمر ما أو محصلة ما، ويحصل بوجود الدوافع وفي غياب الموانع".

وكما يسجل للتفكير إيجابياته وحسناته، يسجل له أيضاً سلبياته، فبالتفكير عرف الله سبحانه تعالى وبالتفكير جحد به، وبالتفكير اهتدى أهل الهداية، وبالتفكير وأساليبه الملتوية ضل أهل الضلال.

وكما وضع العلماء آلات لضبط اللسان وأطلقوا عليها "قواعد اللغة" وأخرى لضبط الاستدلال والبراهين العقلية تدخل تحت عنوان "المنطق" كذلك أشار كتاب الله الكريم إلى بعض الضوابط التي تضبط عملية التفكير وتحرره من الموانع والعوائق المختلفة، قال تعالى:"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا..." والحكمة من ذلك أن الجماعة تضر بعملية التفكير حيث يتم إسقاط العقل الجمعي على الفرد فيميل في تفكيره ويجانب الصواب.

وهناك العديد من الإرشادات في القرآن والسنة النبوية تحاول أن تهذب عملية التفكير لتحررها من الميول والأهواء.

وأخيراً التفت علماء النفس إلى أهمية هذا الجانب في حياة الإنسان، فشرعوا يدرسون الدوافع والموانع ويضعون القواعد للتفكير السليم... وهذا ما يحاول مؤلف هذا الكتاب أن يقدمه لنا من خلال دراسته لعلم النفس التربوي من جهة، والعلوم الإسلامية من جهة أخرى.

والكتاب يظهر عظمة ما تذخر به كنوز الحكمة والمعارف الموروثة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن أهل بيت وما يحويه الفكر الإسلامي العملاق المتمثل في الفلسفة الإسلامية وعلوم القرآن والحديث واللغة وعلم الفقه وأصول الأخلاق والعرفان...