أعتقد أنّ وباء الكورونا أربكنا بانفلاته وانتشاره، وكذلك بطرُق المعالجة التي اضطرّنا إليها، يسوقنا مرغَمين إلى استطلاع كيفيّاتٍ غيرِ مألوفةٍ من الحياة الإنسانيّة. يبدو لي أنّ الانفجار الوبائيّ هذا كشف النقاب عن تحوّلاتٍ جسامٍ أخذت تصيب الوعي الإنسانيّ برمّته، ولو أنّ مقادير الإدراك تختلف من اجتماعٍ إلى آخر، ومن بيئةٍ إلى أخرى. يقيني أنّنا دخلنا في زمنٍ خطيرٍ من التحوّل الثلاثيّ الأبعاد: في مباني الكينونة الإنسانيّة (التحوّل الأونطولوجيّ)، وفي مسالك الوعي والإدراك (التحوّل المعرفيّ)، وفي طرائق الاختبار الجوّانيّ النفسانيّ (التحوّل الوجدانيّ). وعليه، لا بدّ لنا من ابتكارِ وعيٍ جديدٍ ولغةٍ جريئةٍ حتّى نفهم الحدث العالميّ الطارئ. هل ستقوى المجتمعات الإنسانيّة المعاصرة، وقد ابتُليت بألف مصيبةٍ، على الاستعداد اللائق والتأهّب الفطن من أجل الاضطلاع بتحدّيات التحوّل الثلاثيّ هذا؟ لست على يقينٍ من أنّنا، في مجتمعاتنا العربيّة، مستعدّون لمثل هذا التحدّي. قد يكون التأمّل في جائحة كورونا وعِبَرها الخطيرة من الخطوات الأُوَل التي تمهّد لنا السبيل إلى تغيير مناهج وعينا، ومسالك إدراكنا، وطرُق فهمنا.
Share message here, إقرأ المزيد
الكورونا في عهدة الفلسفة