ثمة تناغم سيمفوني بين حياة ويتمان وشعره يجعلنا لا نتردّدُ لحظة في النظر إليه كمؤرّخٍ للرّوح الأمريكية الجديدة وناطقٍ شعريّ باسم إرهاصاتها الفكرية الكبرى خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. على غرار هوميروس اليوناني، ودانتي الإيطالي، وشكسبير الإنكليزي، أو ربّما شاعرنا العربي، المتنبي، ارتبط اسم ويتمان ارتباطاً وثيقاً بنبض عصره، وبالأمّة التي نشأ فيها، والثقافة التي ساهمت في بلورة وإغناء مخيلته الشعرية. يصفه الروائي الإنكليزي د. ه. لورانس بأحد أعظم الشعراء في العالم، قائلاً: "ويتمان، الشّاعرُ العظيمُ، يعني الكثير لي. ويتمان، ذاك الشّخص الذي ينطلق إلى المقدمة. ويتمان، ذاك الرائدُ. وحده ويتمان. لا يوجد روّاد إنكليز أو فرنسيون. لا يوجد شعراء أوروبيون روّاد. في أوروبا، من كانوا يريدون أن يكونوا روّاداً ليسوا سوى مجدّدين. والشّيء ذاته في أميركا. أمام ويتمان، لا شيء. أمام جميع الشّعراء، موغلاً في براري الحياة المغلقة، هو ويتمان. بعده، لا أحد."
أيّها الكونُ المستديرُ، المتدحرجُ أبداً! عبر الفضاء والهواء!
أيتُها المياهُ التي تغمرنا!
أيتُها القوّةُ الحيويةُ في حياتنا ومماتنا، في عملنا ونومنا!
أيتُها القوانينُ الخفيةُ التي تتحكّم بنا، وبكلّ شيءٍ آخر،
أيتُها المبثوثة في ثنايا كلّ شيء، وفوق كلّ شيء،
وعبر وتحت كلّ شيء، بلا توقّفِ!
أنتِ! أنتِ أيتُها القوّةُ الكونيةُ، الحيويةُ، العملاقةُ، الهادئةُ،
التي لا تُقاوَمُ، ولا تنامُ،
تحملين الإنسانيةَ على كفّك، كمثل لعبةٍ طارئةٍ ...
Share message here, إقرأ المزيد
أوراق العشب - الأعمال الشعرية الكاملة