يشكل هذا الكتاب رؤية استراتيجية متكاملة ساهم فيها عدد من الباحثين العرب تربط مابين الدوائر الخليجية والإقليمية والعالمية من جهة، وبين الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والمجتمعية للبحث في التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والعالم اليوم، وخاصة في السنتين الأخيرتين اللتين ألقتا بتداعياتهما المختلفة على مجمل المشهد الاستراتيجي في المنطقة عموماً وفي الخليج العربي على وجه أخص. من هنا ولدت فكرة ملف "الخليج العربي في سياق استراتيجي متغير" لدى مركز الجزيرة للدراسات والذي يحاول أن يسلط الضوء على تداعيات التغير الذي لحق - ولا يزال - بالبيئة الاستراتيجية، وانعاكساتها على حاضر ومستقبل دول مجلس التعاون الخليجي بشكل فردي أو جماعي.
يسعى هذا الملف وفقاً لمركز الجزيرة للدراسات إلى تحقيق هدفين أصيلين، أحدهما هدف "نظري" يتصل بفهم الأسس التي ترتكز إليها التطورات التي شهدتها الدول العربية خلال السنوات الأخيرة ممثلة في "الربيع العربي" بكافة دلالاته المعرفية والعملية والسياسية الراهنة والمستقبلية. أما الهدف "العملي" للملف، فيتمثل في رصد أوجه الاختلاف والتشابه في الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية لظاهرة الربيع العربي من منظور تحليلي مقارن.
وانطلاقاً من تلك الأهداف تم تقسيم موضوعات هذا الملف/الكتاب إلى مقدمة وخمسة فصول تغطي في مضمونها خمسة عشر ورقة بحثية، شارك في إعدادها نخبة من الخبراء والباحثين الخليجين والعرب المعنيين بالشأن الاستراتيجي عموماً والقضايا الخليجية على وجه الخصوص، حيث تنوعت اهتماماتهم بين السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وفي هذا السياق يرصد الفصل الأول وهو بعنوان "البيئة الاستراتيجية في الخليج.. تحول الثوابت وإشكالية استشراف المستقبل" تحليل مظاهر وأبعاد التحولات التي طرأت على الثوابت الحاكمة والمكونة للبيئة الاستراتيجية في منطقة الخليج على مدار العقدين الأخيرين...، فيما يركز الفصل الثاني وهو بعنوان "الربيع العربي ومنظومة التعاون الخليجي.. حدود التأثير ومحدداته"، على بيان تجليات التطورات السياسية والثورات التي شهدتها بعض دول المنطقة...، أما الفصل الثالث، فهو بعنوان "التفاعلات الإقليمية والدولية لمنظومة التعاون الخليجي على ضوء الربيع العربي"، ويعرض لمواقف دول مجلس التعاون الخليجي إزاء ثورات الربيع العربي...، ويشتمل الفصل الرابع، وهو بعنوان "التفاعلات البينية للقوى الإقليمية والدولية وعلاقاتها مع دول منظومة التعاون الخليجي" ، على أوراق بحثية مختلفة تتناول العلاقة مع دول الجوار الكبرى ولاسيما إيران والعراق وتركيا، وغيرها من موضوعات تتناول الرؤية الأوروبية لمستقبل العلاقات بين الإتحاد الأوروبي ودول الخليج في مرحلة ما بعد الربيع العربي، والدور المستقبلي للقوى الدولية الكبرى في أمن الخليج: الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا، وحلف الناتو، على ضوء المستجدات الجديدة في المنطقة.
ويأتي الفصل الخامس والأخير تحت عنوان "التطورات الإقليمية والدولية وتأثيراتها الاقتصادية والديمغرافية على المنظومة الخليجية"، ويتناول موضوعات تنموية استراتيجية تتعلق باقتصاد دول الخليج بما فيها تأثير العمالة الأسيوية الوافدة على دول الخليج، مع طرح بدائل استراتيجية شاملة ذات أهمية. وأخيراً، يختتم الكتاب بخلاصات تتضمن: نتائج عامة، وتوصيات ومرئيات استراتيجية.
Share message here, إقرأ المزيد
الخليج في سياق استراتيجي متغير