بعد هذا التطواف بين معالم إيران الجمهورية الحديثة، وآثار الحضارة الفارسية التليدة؛ لا أملك إلا أن أحث القاريء الذي يملك زادًا وراحلة أن يشق الطريق خارج وطنه، سائحًا أو طالبًا للعلم أو جوالا، حتى يجمع خيوط المعرفة، وتصقله التجربة، ويكتسب مهارات شتى، ليكون جسرًا حضاريَّا بين حضارة موطنه الأصلي وحضارات الدنيا المتباينة؛ فلكل بلد نكهة خاصة، وعاداته وتقاليده الحضارية التي لا تشبه حضارة أخرى؛ وإن كنا جميعا نعود إلى آدم ــ عليه السلام ــ إلا أن الله جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونتعاون، مع احتفاظنابسمات وملامح خاصة لكل ثقافة.
وأختتم بقول الرحَّالة ابن بطُّوطة اللواتي: «إنه السفر؛ يتركك صامتًا، ثم يحوِّلك إلى قصَّاص»، وهذا ما حدث معي، ففي الكتاب الذي بين أيديكم مجموعة من القصص. كما أستعين بقول المؤلفة الأمريكيّة إسبانية الأب وألمانية الأم، والمولودة في فرنسا أناييس نِن: «نحن نسافر، ويستمرُّ سفر بعضنا للأبد للبحث عن أماكن أخرى وحياة أخرى وأرواح أخرى»، وهأنذا مازلت أبحث وأخطط لرحلة جديدة، وأردد مع المستكشف والمترجم الإنجليزي السيد ريتشارد بيرتون: أسعدُ لحظةٍ في حياة الإنسان، حسبَ اعتقادي، عندما يرحل إلى أراضٍ لا يعرفها.