هذا الكتاب أعاد به المؤلف الإمام العز بن عبد السلام بناء كتاب (الرعاية لحقوق الله) لأبي عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي، من حيث اختصاره وترتيبه وجمع فوائده وفصوله، بعبارته الرصينة، ولغته البديعة، مبيناً فيه مقاصد المؤلف المحاسبي، بعد أن نسب الحارث إلى البدعة في تأليفه هذا، موقفاً له حيناً، ومخالفاً له حيناً آخر.
ويبدو أنّ نسبة المحاسبي إلى البدعة -التي جاءت من أصحاب الحديث خاصة- أن عصره كان عصر رواية وسند، وكتبه خلو من ذلك، وهي في واقع الأمر تجربة الحارث المحاسبي مع النفس الإنسانية، من حيث سبر أغوارها، وفحص أحوالها، ومعرفة نزعاتها، وهو ما لم يفطن له أهل طبقته، إذ أنه أوّل من تكلم في ذلك، فكانت جهوده حجر أساس في إنشاء علم نفس إسلامي، الذي ازدهر فيما بعد على يد "أبي حامد الغزالي"، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام. يقدم في هذا الكتاب مساهمته في مجال الرقائق وعلم السلوك والمعاملة تضاف لى مساهمته في كتابه (شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال).