الهندسة الجينية هي إحدى التقنيات الحيوية الحديثة، ومادة تعاملها تتمثل في الكروموسومات والموروثات، وتطبيقاتها منها ما هو مباشر على الإنسان ومنها ما هو غير مباشر، وكل هذه التطبيقات لها تأثيرها في حياة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.
ونظراً لأتساع قطاع البيوتكنولوجيا وتشعبه بحسب نطاقه إن كان زراعياً أو حيوانياً أو بشرياً أو صناعياً أو دوائياً، وتعدد الجهات ذات العلاقة وتنوع السياسات المتبعة وإختلاف الأهداف، أدى إلى ضبابية الرؤية، وضعف في التنسيق الفاعل بين الجهات ذات العلاقة تبعاً لإختلاف مجالها التقني والإستثماري، الأمر الذي جعل المسؤولية القانونية المترتبة على المخالف صعبة التحديد والإقرار أو الإثبات.
لذلك اتخذت هذه الدراسة هدفاً واضحاً وهو دراسة الإطار القانوني لتنظيم أبحاث الهندسة الجينية وتطويرها في التشريع العراقي مقارنة بالتشريع السوداني والسوري، وذلك بالتعريف بمفهوم الهندسة الجينية وتطبيقاتها، والوسائل القانونية الدولية والوطنية للحماية من مخاطرها، فضلاً عن المسؤولية القانونية الناجمة عن تطبيقاتها وأبحاثها.
وبإتباع المنهج التحليلي المقارن خلصنا إلى نتائج مفادها عدم وجود تشريعات وقوانين محكمة ورقابة فعالة، فضلاً عن عدم وجود حماية قانونية بمفهوم الحماية الجنائية أو الإدارية أو المدنية، تضمن حماية الكائن البشري، والتنوع الإحيائي إزاء تطبيقات وأبحاث الهندسة الجينية وتطويرها، ووفقاً لذلك لا بد أن تستخدم تقنيات الهندسة الجينية بشرط أن تكون ضمن ضوابط قانونية محددة لتجنب أضرارها ومخاطرها المحتملة، الأمر الذي يتطلب إصدار تشريع خاص بتقنياتها وأبحاثها، وذلك بالعمل على نظام قانوني جزائي منظور جنائي، مدني، إداري، في قانون محدد وواضح يتميز بالطابع الوقائي والرقابي، ووضع الجزاءات الملائمة عند مخالفة أحكامه لحماية هذه المصلحة القانونية المهمة جداً، التي تمس حياة الإنسان من جهة والنبات والحيوان والبيئة من جهة أخرى، وذلك بتأسيس أطر للسلامة الحيوية، ووضع الأطر القانونية للأبحاث والتطوير والأشراف على أبحاث وتجارب الهندسة الجينية، ووضع آلية فنية لتقييم وإدارة المخاطر المحتملة للكائنات الحية أو منتجاتها المعدلة جينياً.