يتصدى صامويل موين في كتابه الليبرالية تنقلب على نفسها: مفكرو الحرب الباردة وصناعة الزمن المعاصر لسؤال مركب حول خيانة مفكري ليبرالية الحرب الباردة لجوهر الليبرالية الكلاسيكية، في سياق سؤال التنوير المركزي ومآلات الحداثة ويوتوبيا الليبرالية ووعودها المقدسة بما فيها دولة الرفاه الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الأفراد والديمقراطية الاشتراكية والحرية والعقد الاجتماعي.
إن القضايا التي يثيرها هذا الكتاب ويتقلب فيها تطال أولاً وآخراً الفضاءات الأمريكية والأوروبية، وكذلك حال المفكرين الذين عني بهم المؤلف، فهم عالقون في متن هذه الفضاءات وسياقها الزمكاني، فإشعيا بيرلين، وكارل بوبر، ويعقوب تالمون، وجيرترود هيملفارب، وجوديث شكلار، وريمون آیرون وراينهولد نايبور، وريتشارد هوستادر، والابن أرثر شليزنغر وحنة أرندت، وهربرت باترفيلد، وفريدريك هاياك ينتمون جميعاً إلى هذه الفضاءات وإليهم تتجه الأنظار في كل الجدليات التي تثيرها الليبرالية. إن المثقفين الليبراليين، بحسب موين، وإن غيروا الإطار المفاهيمي والفلسفي لليبرالية بصورة جذرية، لكنهم في الوقت نفسه تركوا إرثاً تراجيديا وكارثياً للعصر الحالي، فانقلب الليبراليون على مثل الليبرالية الأخلاقية، وتخلوا عن الجوهر الأخلاقي لعصر التنوير من أجل فلسفة أكثر خطورة وهي الحفاظ على الحرية الفردية بأي ثمن.
وفي إدانته لهذا الموقف، يتوسل موين في هذا السياق السياسي والفلسفي والتاريخي لليبرالية الحرب الباردة ويدعو إلى محاولة إنقاذ آخر مثل الليبرالية المساواتية والتحررية لإصلاح أضرار هذه الحرب وضمان بقاء الليبرالية.