إن العالم الإسلامي اليوم يمر في ظروف عصبية، ويتعرض لتحديات وأحداث تنوء بها الجبال الرواسي، وقد تكاثرت عليه الأعداء من داخل الحدود وخارحها، وتتابعت النكبات والمآسي. ولا يملك المسلم المخلص حيالها إلا أن يهتم بأمّته وما يجري في عالمه، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
ولعلنا حين نطلع على قضايا العالم الإسلامي المعاصرة، لا نقرأ ما ألفنا قراءته في تاريخنا المجيد وبخاصة في القرون المفضلة، من صفحات مضيئة وبطولات نادرة وعزة وكرامة، بل إننا نواجه أحداثاً أليمة وألواناً من الظلم والضعف والتبعية تبكي العين وتوجع القلب.
ولقد مرّت أمتنا في أحقاب التاريخ بظروف عصيبة تفوق ظروفها الحاضرة، حين أغار عليها المغول والتتار وتتالت الحملات الصليبية، ثم هيمنة الاستعمار الأوروبي، وكانت تتغلب عليها دائماّ حين تعود إلى أصالتها وهويتها وتتحصن بعقيدتها ودينها.
هذا وإن التعرض للكتابة في مثل هذا الموضوع مسلك شائك لا يؤمن فيه العثار، وانطلاق بين تيارات متباينة ووجهات نظر مختلفة، بعد أن وقع فريق من أبناء الأمّة في شباك الإعلام الخادع والتوجيه المغرض، وصاروا ضحايا الغزو الفكري الذي ساقهم ذات يمين وذات الشمال، وصاغهم صياغة جديدة غربية عن روح الأمة وثقافتها ووجهتها.
وكذلك يعاني الكاتب في هذا الموضوع تباين المصادر في أخبارها واختلافها في تقديرها ووجهة نظرها.
وكان لا بدّ قبل الكتابة عن العالم الإسلامي وما فيه من قضايا هامّة، من ذكر مقدمات ضرورية في الباب الأول من الكتاب، نعرّف فيها بشكل موجز بالمجتمعات البشرية المعاصرة من حيث ديانتها.
ونتعرّض بعدها مللقوى الدولية المعسكرات التي تتسابق اليوم في ميدان التسلّج وتسعى للسيطرة على شعوب الأرض.
ونذكر بعد ذلك شيئاً عن العالم الإسلامي بشكل عام في حاضره من حيث حياته الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ثم ننتقل إلى الباب الثاني الذي نذكر فيه نماذج من القضايا الهامّة والمشكلات التي يعانيها العالم الإسلامي في شتى أقطاره.
هذا وقد حوى الكتاب محاضرات المؤلف في مادة "حاضر العالم الإسلامي" التي ألقاها على طلابه في كليتي اللغة العربية والحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.