الغرض من تشريع عقوبة الشرقة: إنما هو ردع الجاني وزجره، وإفزاع السارقين. وهذا يتحقق بمجرد إعلان العقوبة، أو بتطبيقها في ظروف مشددة، في أيد قليلة محدودة، لو وزنت بجرائم السرقات التي قد تذهب بالأرواح، لكان القطع عنوانا للرحمة والعدل.
وإذا كانت عقوبة السرقة في الشريعة الإسلامية، على ما سنذكر بعضه: من الدقة في الحكم، والنبل في الهدف. وإذا كانت نتائجها في التطبيق العملي من النجاح: بحيث لا تترك قولا لقائل، أو حجة لمكابر - فانه لا يبقى فيها بعد ذلك، من عيب، إلا جهل الناس بها، أحكاما، وأصولا، وأغراضا. وفيما عدا ذلك، فهي خير من أية عقوبة جاءت بها القوانين الوضعية، على امتدادها وتغيرها وتطورها.

ولعل جهل الناس بها راجع في بعض أسبابه إلى أن كتب الفقه الإسلامي قد ينقصها الترتيب والتبويب المتعارف عليه في هذا العصر. بحيث يكون لزاما - على من يريد معرفة حكم خاص أن يقرأ الكثير كثيرا. ومع ذلك فقد لا يهتدي إلى ما يريد، وذلك بسبب قصور فهم الناس في عصرنا الحاضر عن مجارة الدقة والعمق والشمول في أساليب الفقهاء وعباراتهم، خاصة أولئك الذين لم تتوفر لهم معرفة كافية بالغة العربية، ولم يتهيأ لهم أن يقفوا على أساليب الفقهاء الفنية، ومصطلحاتهم الفقهية.