لقد عنيت بخطابات المثقفين في متونهم، وكيف تعاملوا مع موضوعات الاختلاف والتسامح والأيديولوجيا. وكان السؤال لأبرز: هل اختلف المثقف في تعاطيه مع الآخر عن غيره، هل كان أكثر قسوة بحكم الموضع الذي تضعه فيه الثقافة الرسمية التي عهدناها، الآن وسابقا، حيث هناك خطابات تنافس خطابات المثقفين مثل السياسي ورجل الدين والمعلم، وأحيانا تتداخل هذه الخطابات. لست هنا بصدد المحاكمة لأني أؤمن أن الكثير من أفكار الثقافة بنات لحظة تشكلها الخاصة لا يمكن أن نسحبها الآن من زمانها لغرض محاكمتها بمنظومتنا، فلو هيأ لأصحابها أن يكونوا مرة أخرى، فإنهم قد يرتدون ويعدلون أو يغيرون قناعاتهم، فلكل مثقف نظرته وقناعته التي يؤمن بها، وعملنا في هذا الكتاب هو فحص الخطاب وتمحيصه برؤية نقدية واقعية.