تحتل المقامات العربية مكانة متميزة في النثر العربي خاصةً، وفي الأدب العربي عامةً، وقد بقيت الكثير من تلك المقامات طي النسيان ، ولم تسلط عيها أضواء البحث لتبرز أهميتها وثراءها، في نظر القارئ أو المؤرخ ، فالمقامةبوصفها أدباً قصصياً تعكس معاناة السواد الأعظم من الناس، لأنها عبرت بكل صدق عن حياة الطبقات الدنيا في المجتمع، في العصور العباسية المتأخرة وما تلاها ، بشكل مباشر أو غير مباشر، فأرخت للكثير من الصراعات بطريقة ما، محاولة الانتقال من سيمياء النص الى مهمته التداولية، الذي يبث اشارات خفية لها علاقة بالرموز الفكرية والانسانية التي تحيط بالمجتمع، في علاقتها بكيفية تعبيرها عن العلاقة بين القارئ والنص، وهذا ما يجعل الاحاطة بها مقترناً برؤيتين : داخلية وخارجية، تتشابكان معاً، من أجل الوصول الى الحقائق الكامنة في ثناياه، ذلك لأن المقامة في تعريفها توحي بالحوار أو بالمجالسة واللقاء بين طرفين يتداولان الكلام ،أو يديرانه في نوع من التمثيل أو مسرحة الكلام داخل النص، وقد تضمنت هذه الدراسة مقدمات أولى أسهمت في نشأة المقامة.
يتكون هذا الكتاب من سبعة أبواب تناولت مقدمات نشأة المقامات العربية، ومقامات الهمذاني والحريري، والمقامات في العراق وبلاد الشامومصر وبلاد العجم وبلاد المغرب وبلاد الأندلس.. وتضمن الكتاب في نهايته دليلاً عن المقامات العربي حسب تواريخ وفيات مؤلفيها.