كأنما الراعي قد أفرغ كثافة شعوره الدّاكن في قلبه وصار يدعو الله طالبًا رحمته، لكنه لم يستطع أن يكتمَ ذلك أكثر ممّا حاول، فأخذ يجهر بدعائه، وإن كان يبدو للراعي والسيد مُجرد تمتمة لا يكادان يميزان منها حرفًا، إلّا أنّها كانت كلماتٍ تخرجُ من فمه خروجَ النفس، وبالرغم من ذلك كانت تحملُ وضوحًا أدقّ ما يكون لمعاني الرهبة الممزوجة بالرجاءِ النقيِّ المُسلم، الخوف فيها أصدق ما يكون، ليس ذاك الخوف العابر مِمّا يُمكنُ أن يحصل، بل خوف جوهره يقين بما سيحصل.!
في صباح يومٍ جديد دوّن في كتابه الفكرة الآتية:
"إغواء الثنائيات عامّةً شيءٌ رائعٌ إذا أفرغناها من الخير والشر، ربّما تغدو ضبابًا، وربّما أقلّ حضورًا.. عبثًا إن شئت، إلَّا أنّني أجدُهَا مثل الموسيقى؛ شيئًا نحسّه وليس بمقدورنا لمسه، فهي ليست أقلّ حضورًا منك، فأنت لا بُدّ أن لك أجزاءً من حياتك، ورُبّما كلّها مرّت من دون أن يكون للخير والشر أو أيّ مزيجٍ منهما سطوة عليك، هذه الحالة تُشابِه الإلهام كثيرًا؛ فالإلهام شيءٌ مُبهَم، سحري، خاطف، يأتي فجأةً وببساطة، وغالبًا أبعد ما يكون عن المتوقع"
Share message here, إقرأ المزيد
أخلاق الملك : وجه الدولة الغامض