يجمع الروائي الكوني الهوية هوبير حداد فلسطينان بعمله الروائي الفذ (فلسطين) الذي انتزع جائزة "القارات الخمس" التي تمنح لافضل نصٍّ سردي إبداعي مكتوب باللغة الفرنسية. والفلسطينان في رواية حداد هما : "فلسطين" عتبة العنوان الرئيس للرواية الذي يحيل بطبيعة الحال إلى جغرافيا وأمكنة الأحداث، وتداعيات الصراعات واحتراباتها الدموية ، وأيضًا إلى الشخصيات الرئيسة، والمحيطة داخل المتن السردي العام.أما "فلسطين" الأخرى فهي الفتاة الفلسطينية التي تحمل هذا الأسم، وهي الشخصية المركزية الرئيسة إلى جانب الشخصية المزدوجة(شام/نسيم)، وكلا الشخصيتين تتصارعهما هويتا إسرائيل /فلسطين مكانًا،وهويات الدين ممثلةً بالتوراة والأنجيل والقرآن. في هذه الرواية تتجسد إلى حد بعيد هوية حداد الكونية الأنسانية الداعية إلى السلام وقبول الآخر واحترام المغايرة، فمن بين كل الكراهيات والبغضاءات، وكل كوارث الحروب والدمار والخراب والقتل والموت، يحمل الحب الذي يجمع بين "فلسطين" الفتاة، ومزدوج الشخصية"شام/نسيم" لواء الحياة.بهذه القيمة الانسانية الكبيرة يعبر الاثنان حدود هويتهما القومية، والدينية، وهذا ما يدعو إليه صراحة حداد من خلال محمول روايته الأنساني الكبير.فالحب يصنع الأستقرار والجمال والحرية والتعايش السلمي وحفظ الدم والأرواح. إنّ فقد الأبن"نسيم" والبصر بالنسبة للأم"أسمهان"،وهو فقد أخٍ لـ"فلسطين" يشكل معضلة وجودية وحياتية مصيرية ثقيلة-فَقْدُ مجهول قد يرمز الى مستقبل الصراع- ربما لا يخفف وطأتها على حياة الأثنتين سوى"شام/نسيم" الجندي الأسرائيلي الذي يتماهى مع الأولى كابن،ومع الثانية كأخ وحبيب. في رواية(فلسطين) تلعب الشخصيات المركزية الرئيسة في المتن الروائي العام، والشخصيات المحيطة أدوارها المحمولية الفاعلة والمؤثرة، بدءًا من عتبة العنوان، وحتى منسدلها اللساني الخاتم" وفي الأخير انتصر الصمت، وتكلل الوجود بظلام العدم". رواية (فلسطين) تقول الصراع الآن، وهي تقول أيضًا المأساة الملحمية راهنًا، وحتى مستقبلًا سواء على صعيد الصراعات الشرق أوسطية، أو حتى العالمية إذا ما ظلّتْ الشعوب تتكاره وتتحارب وتدامى من أجل إثبات وجود هوياتها الفرعية: القومية والدينية، وغيرها من الهويات الضيقة.
Share message here, إقرأ المزيد
فلسطين