لماذا أصبحَت أفكار شديدة التجريد كالحقيقة أو المعرفة أو العدالة في هذه الأهمية البالغة عندنا؟ ما غاية التفكير بهذه المصطلحات؟ يقدم ماثيو كيلو -الفائز بجائزة لاونر للفلاسفة الصاعدين عام 2020 - في كتابه البارز هذا «الأصول العمَلية للأفكار» منهجًا فلسفيًا للإجابة عن مثل هذه الأسئلة: منهج الجينيالوجيا البراجماتية. إن الجينيالوجيا البراجماتية هي في جزء منها سرديَّات خيالية، وفي جزء آخر قصص تاريخية، تستكشف ما قد يدفعنا إلى تطوير أفكار معينة من أجل معرفة مدى انتفاعنا من هذه الأفكار. يكشف هذا الكتاب عن تقليدٍ للجينيالوجيا البراجماتية لم يحظَ بالتقدير الكافي يتقاطع مع الانقسام التحليلي والقاري في الفلسفة؛ بدءًا من مشاهد حالة الطبيعة عند ديفيد هيوم، مرورًا بالجينيالوجيا المبكرة عند فريدريك نيتشه، وانتهاء بالأعمال الحديثة في الفلسفة التحليلية لإدوارد كريج وبرنارد ويليامز وميراندا فريكر. غير أن هذه الجينيالوجيَّات تجمع بين الخيال والتأريخ بصوَرٍ وجدها حتى الفلاسفة المتعاطفون مع استعمال روايات حالة الطبيعة أو التاريخ الحقيقي مُحيِّرة. ولفهم سبب الحاجة إلى كل من الخيال والتأريخ، يقدم الكتاب إطارًا منهجيًا للجينيالوجيَّات البراجماتية بوصفها نماذج ديناميكية تعمل على إجراء هندسة عكسية للأفكار ليس فقط فيما يخص الاحتياجات البشرية شبه الكونية، بل أيضًا الاحتياجات الاجتماعية التاريخية. وهذا يتيح للمنهج أن يقدم لنا شرحًا دون اختزال، ويساعدنا على فهم ما أدى إلى توجيه أفكارنا لآثار أصولها العمَلية. علاوة على ذلك، وبعيدًا عن كونها محايدة معياريًا، يمكن للجينيالوجيا البراجماتية أن تؤثر في نطاق الأسباب، الأمر الذي من شأنه أن يوجه محاولاتنا لتطوير ذخيرتنا المفاهيمية حين يساعدنا في تحديد ما إذا كانت أفكارنا تستحق الاعتناق ومتى يكون ذلك.
Share message here, إقرأ المزيد
الأصول العملية للأفكار : الجينيالوجيا بوصفها هندسة عكسية مفاهيمية