تأتي أهمية هذا الكتاب في تشخيص ظاهرة الفساد الخطيرة بكل تفاصيلها مع تحديد الأسباب الرئيسية لها ومتابعها وآثارها الخطيرة على كل المجالات، وتكلفتها الحقيقية، علاوة على إتخاذ تدابير وآليات وطرق محددة تؤلف وسائل مواجهتها من الناحية الوقائية والعقابية، مع تفصيل كيفية إدارة الدولة مؤسساتها العامة في هذا الصدد، وتتصدى إلى المعطيات التي تبنى عليها مراتع الفساد وتطرق الأبواب التي تفتح السبيل إليه؛ ناظرةً - وبعمق - إلى وسائل غير المشروعة، وحاملة من حقائق البحث - الثابتة الشواهد - الحلول الآيلة إلى سدّ منافذه وتجفيف منابعه من خلال كل المعالجات الممكنة، ومن ذلك إتخاذ تدابير وآليات محددة وإجراءات تنقل النصوص القانون إلى حيز التنفيذ والتطبيق العملي، لكي يتسنى للجهات المعنية مواجهة هذه الظاهرة المستشرية في مراحلها البدائية والمحلية، لأنها إذا أصبحت عابرة للحدود ستكون محاربتها أصعب وتكلفتها أكثر.
لذا، حاول المؤلف أن يقف على أسباب نجاح بعض الدول في مواجهة الفساد وفشل أخرى في هذه المواجهة، وقارن بين الآليات التشريعية والآليات التنفيذية في محاربة الفساد وربط بين (قوة النص، وقوة التطبيق) في مواجهة الفساد، وعليه يكون هذا الكتاب محاولة تتحلى بالجد والمصداقية لتحديد رؤية شاملة لمواجهة جرائم الفساد على المستويين الوطني والدولي وفي جميع المجالات؛ بحيث تحدد كيفية المواجهة التشريعية والقضائية والحكومية وغير الحكومية عبر مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام التقليدية والحديثة.