في هذا الكتاب تسلط الدكتورة ليندا مرتضى الحسيني الضوء على الحركة النسائية في لبنان وبالتحديد الاتحاد النسائي الذي بدأ بالتكون من ثماني جمعيات نسائية عام 1921 وكان كلما تطور هذا الاتحاد كلما ازداد عدد جمعياته.. حتى أصبح يقود الحركة النسائية على مدى النصف الأول من القرن العشرين ثم تحول عام 1952 إلى المجلس النسائي اللبناني.

يهدف الكتاب كما تورد الكاتبة في مفتتح العمل: أردنا من هذا الكتاب أن يساهم في تبيان أثر الجماعات المدنية وبالضبط الحركات الاجتماعية كالحركة النسائية على تطور العمل التربوي والوطني والاجتماعي في مفاهيمه وممارساته. وقد اعتمدنا تعريفاً للتربية يتجاوز النظام التعليمي ويتجاوز أيضاً "البيداغوجيا"، ليضمهما معاً. إن هذه النظرة الموسعة للتربية قلماً وجدناها في معظم الدراسات والكتابات حول تاريخ التربية وتاريخ الحركات النسائية.

يقدم الكتاب نموذجاً عن دراسة الحركات الاجتماعية كجماعات مناهضة أو ضاغطة. تقوم بأعمال ونضالات ضد وضع قائم وتقدم حلولاً ذات انعكاسات تغييرية على الواقع الاجتماعي. هذا في حين نلاحظ في الدراسات حول أنشطة هذه الجمعيات وصفاً لهذه الأنشطة كأعمال "خيرية" بدون نقدها من خلال مفهوم الحركة الاجتماعية والتغيير الاجتماعي.

ولعل الأهم في هذا الكتاب تبيان الكاتبة عن رافد هام من روافد الفكر التربوي والوطني والاجتماعي في مرحلة من مراحل تاريخ لبنان. وما قامت به على هذا الصعيد قد يفاجئ الذين اعتادوا الكلام عن النظام التعليمي والتربية الحديثة. فالخطاب الذي يتم تحليله هنا يعود لمرجعية تمثل النخبة النسائية المنخرطة في التغيير الاقتصادي – الاجتماعي في ذلك الوقت أو المنتمية للطبقة البورجوازية بشكل خاص.

يتألف الكتاب من تسعة فصول تغطي الواقع الاجتماعي والسياسي والتربوي في لبنان خلال النصف الأول من القرن العشرين، وأهم العوامل التي ساهمت في النهضة العربية ونشوء الحركة النسائية اللبنانية بالإضافة إلى دراسة موسعة لمعظم المؤتمرات النسائية في لبنان وتحليل خطاباتها ورصد لمواقف الحركة النسائية قبل الاستقلال وبعد الاستقلال خلال النصف الأول من القرن العشرين. وأخيراً: خلاصة وتقييم.