هذا الكتاب يحاول تشخيص مأزق الدولة في عالمنا العربي وفكرنا الإسلامي من مواقع مختلفة، يجمعها الهمّ النقدي، ونُشدان الدولة التي تحقّق مصالح الأمة، وتحفظ حقوق مواطنيها، وإن اختلفت التصورات وتَفَرَّقت السبل، فهو يقدّم مادةً نظرية مهمة ومتنوعة الإتجاهات، من شأنها أن تساعد في فهم الأساس النظريّ للجدل حول الدولة وأسباب الخلاف وأوجهه، كما أن قراءة الكتاب في ظل ما جرى توضح الهوّة التي تفصل بين النقاشات النظرية حول الدولة والتطبيق العملي لجهتي: الممارسة السياسية الفعلية وخطابها، وإمكانات التعامل وكيفياته مع جهاز الدولة القائم.
ويمكن للكتاب - على وَقْع ما جرى ويجري - أن يدفع قارته إلى المراجعة النقدية لكلا التيارين الرئيسيين في هذا النقاش: الإسلامي والعلمانيّ.
لكن سيظلّ النقاش حول الدولة وشكلها وطبيعتها ومشكلاتها في الأزمنة الحديثة أحدَ المأزق الكبرى التي تشغلنا على إختلاف توجهاتنا؛ لأن الدولة لم تَقُم حقيقةً لا بالمعنى التاريخي الذي شهدته تجربتنا الإسلامية التاريخية قبل نشوء الدولة الحديثة، ولا بالمعنى الحديث للدولة الذي عرفته أوروبا، وبين هذا وذاك نحن نعيش في أنظمة سلطوية تأبي أن تغادرنا إلا بموتنا أو قهرنا أو بنشر الدمار والخراب في عالمنا، وقد فَعَلت فيها الهُجنةُ أفاعيلها، فهي قد أخذت أشكال الدولة الحديثة وهياكلها، وبعض مضامين الدولة التاريخية وواجباتها، من دون أن تؤدي حقوق هذه ولا تلك!...
Share message here, إقرأ المزيد
مأزق الدولة بين الإسلاميين والعلمانيين