أصل هذا الكتاب هو لأبي المعالي محمد بن رافع السلامي المؤرخ المعروف المتوفى سنة (774هـ-1372م) كتبه حين جاء إلى العراق وأخذ عن علمائه وأكابر أساتذته. وقد تعقب لتأليف هذا الكتاب أحوال هؤلاء العلماء وشيوخهم حتى أبلغ ما جمعه من معلومات ثلاثة مجلدات أو أربعة، صوت العالم الجمّ، وقوائم مهمة عن طبقات العلماء ومشاهير الأساتذة، ومن أخذوا عنهم أو سمعوا منهم. غير أن الأيام لم تبق غير منتخب منه قيل له (منتخب المختار) وهو خلاصة بل صفوة من تراجم هؤلاء العلماء. وهذا الكتاب في حقيقته منقول من نسخة مخطوطة سنة (830هـ-1427م) وهو أثر جليل يحقق الغاية من تأليفه في حفظ تأريخ هؤلاء العلماء، وقد بلغ فيه الجهد مبلغاً كبيراً يتناسب مع المكانة العلمية لهم في تلك العصور منذ أن أضاعت بغداد منزلتها السياسية إبان هجوم هولاكو عليها أو ميل الكثيرين من علمائها إلى الأقطار المجاورة حيث بذروا هناك علومهم وأسهموا في بناء الثقافة في مصر والشام والحجاز وغيرها. إن أهمية هذا الكتاب تكمن دون ريب في تأكيدة على قضية مهمة هي أن هذه المدينة العريقة لم تفقد مركزها العلمي على الرغم مما أصابها من دمار، ولم يجعلها التاريخ مهمة ومنسية. الأمر الذي يضيء جوانبه هذا الكتاب حين يؤرخ لعلماء بغداد، المدينة التي لم تعدم جذوة العالم والأصالة وقد بذل جهداً كبير المؤرخ الكبير المحامي عباس العزاوي في تصحيحه وتعليق حواشيه.