على هذه الرمال الحامية التي تقدر أن تسلق بيض السلاحف يقف القراصنة صامتين في أثناء قدّاس طويل بأجسادهم المرفّعة وستراتهم المتسخة ولحاهم المدهنة ووجوههم التي تشبه السكاكين التي ثلمتها السنون، إذا تجرأ أيّ شخص على السعال او الضحك في أثناء القدّاس يسقطونه بطلقة ويرسمون إشارة الصليب.
إن كل قرصان يشكّل مستودع أسلحة؛ يحمل على خصره أربع سكاكين وحرية موضوعة في غمد مصنوع من جلد تمساح ويحمل مسدسين وسيفاً وبندقية معلقة على الصدر.
توزَع الغنائم بعد القدّاس بدءاً بالمبتورين؛ كلّ من فقد ذراعه اليمنى يحصل على ستمائة بيزو أو على ستة عبيد، وكل من فقد الذراع اليسرى يحصل على خمسمائة بيزو أو خمسة عبيد، وينطبق هذا الثمن على القدمين وكلّ من فقد عيناً أو إصبعاً على شواطئ كوبا وفنزويلا له الحق بمائة بيزو وعبد واحد.
يبدؤون عمل اليوم بكؤوس الروم وينهونه بشواء شرائح لحم السلاحف، يُطهى لحم السلاحف المقطع ببطء تحت الرمل المغطى بالجمر داخل الدروع مع مجّ البيض والبهارات وهذا يعتبر أفضل طبق للحفلات في الجزيرة، يشعل القراصنة غلايينهم مستلقين على الرمال مسلمين أنفسهم للدخان والحنين.
حين يخيّم الليل يغطون باللآلئ جسد امرأة خلاسية ويهمسون لها قصص الرعب والعجائب، قصصاً عن الشنق والتحميل والكنوز ويقسمون لها إنهم لن يبحروا ثانية في وقت قريب، يشربون ويمارسون الحب دون أن ينزعوا أبواطهم؛ الأبواط التي ستصقل غداً حصى المرفأ باحثة عن سفينة من أجل غارةِ أخرى.
من روايات إدواردو غاليانو أيضاً في منشورات دار الحوار: "قرن الريح"، "الوجوه والأقنعة"، "الأغنية التي لنا"، "أشباح المدينة".