من أهم الأسباب التي دعتني للتقديم عمل يتعلق بمستقبل علم السياسة طبيعة الجدل الذي يصاحب هذا الحقل من العلوم الإجتماعية، والأسئلة التي تثيرها الكتابات المختلفة حول مستقبل علم السياسة كعلم فريد في التخصص والوظيفة والأداء والإستمرارية.
ويأتي هذا العمل ليقدم خلاصة تجربة تدريس لعلم السياسة لمدة ربع قرن بجامعة بنغازي، جامعة قاريونس سابقاً بليبيا والعمل على تقديم مسميات وتفسيرات معاصرة لمعاني ومقاصد علم السياسة وفي صورته المعاصرة وتحديداً بعد صعود ظواهر سياسية جديدة عقب نهاية الحرب الباردة وتبدلات القوة في النظام العالمي، وصعود ظاهرة العولمة وتأثيراتها الفكرية على مدارس الشرح والتفسير والتحليل لعلم السياسة.

وهذا الكتاب قدم علم السياسة بثوب مختلف عن ما كُتب عنه في القرن الماضي، من حيث المنظور التحليلي لمقوماته ومناهجه ومداخل التحليل ونظرياته المختلفة.

إن علم السياسة وإهتماماته يخضع إلى طبيعة التغيرات والمتغيرات التي تصاحب الفاعلين في تفاعلاتهم السياسة سواء أفراداً أو جماعات أو دول أو مؤسسات ومنظمات، ولكن يظل علم السياسة مجالاً متحركاً له المقدرة على التأقلم مع التغيرات والمتغيرات التي يصنعها السلوك البشري والدول.