اءت الدعوة إلى إعداد طبعة ثانية بنصف حجم الطبعة الأولى من الحياة اليومية لليونانيين القدماء في حينها، إذ انقضى ١٠٠ عام بالتمام والكمال على إقامة المتحف البريطاني معرضه الأول الخاص بالحياة اليونانية والرومانية، في العام ١٩٠٨ . ومع أنَّ ذلك المعرض الذي رمى إلى إبراز الحياة اليومية من خلال الأشياء العادية التي شاع استخدامها في المنازل، تغيّر مراراً على كر السنين، فإنَّ الصيغة الأساسية بقيت ثابتةً، شاهدةً على مستوى الاهتمام الرفيع بهذا الموضوع بين الجمهور العام، وروّاد المتاحف. لكن العمل الرائد في موضوعنا الحالي هو ذاك الذي قام به المؤرّخ الألماني و أ. بيكر، الذي تُرجم كتابه شاركليس أو أمثلةً على حياة اليونانيين القدماء الخصوصية إلى اللغة الإنجليزية أول مرة عام ١٩٤٥ . وهو كتاب لا يزال يُطْبَع بما يقدمه من وصف سردي لحياة أرستقراطي شاب يُدْعَى شارِكليس. لكنّه على الرغم من صمود هذا الكتاب الأكيد أمام اختبار الزمن وتلك المجموعة الرهيبة من الأدلة الأدبية التي تدعمه، يبقى على المرء، كي يصل إلى هذه الأدلّة، أن يُخوِّض عبر نثر المترجم الرومانطيقي المتأخر وتنميقه الفارغ الذي يشكل الوصف التالي لإحدى الفتيات واحداً من أمثلته: غزارةٌ مُسْرِفةٌ من الشعر الفاتح تتدلّى على جيدها خُصَلاً مُتْرَفةً، أما قوس حاجبيها المزجّجين الرائعين فكان أسود فاحماً وفي بياض وجنتيها الناعم برزت مسحة رقيقة من الزُّنْجُفر الطبيعي. والأهم من ذلك، أن شاركليس يتجنّب كل بذاءةٍ في حياة اليويانيين القديمة، مع أن ذلك يوفر تبصراً ضروريًا في الشروط التي كان يعيش فيها كل شعبٍ من الشعوب ماقبل الصناعيّة….
Share message here, إقرأ المزيد
الحياة اليومية لليونانيين القدماء