المُسْتَلَب في هويته ومعناه، يميل إلى نفي العالم، بقدر ما يعتقد بأن الحقيقة هي غائبة في ماضٍ ينبغي استرجاعه أو في مستقبل ينبغي اللحاق به. ولهذا لا يلأَم المستلبُ معنىً ولا يصنع حقيقة، بل هو لا يحسن سوى الارتداد عن زمنه ونفي نفسه عن عالمه. ذلك أن الحقيقة ليست مغيّبة في عالم آخر، بقدر ما هي انخراطنا في الواقع الراهن وقدرتنا على التأثير في مجرياته عبر تحويل علاقتنا به فكراً ومؤسسةً وممارسة.
أَمَّا ما تقدَّم وما تأخَّر، فليس لكي نستعيده أو نلحق به، بل لكي نتحرر منه أو نخرج عليه، أو لكي نعمل على تحويله وصرفه، بصورة تتيح لنا أن نخرج مخرجاً أكثر معرفةً وثراءً وقوةً، سواء في علاقتنا بذواتنا أو بالغير والعالم. ولهذا فمن لا يحسن الانخراط في زمنه أو التعامل مع حاضره، ولا يحسن استثمار ماضيه ولا الاستعداد لمستقبله، بل لا يحسن سوى الارتداد نحو أزمنة لن تعود أو نحو أمكنة لا تنفك تبتعد.
Share message here, إقرأ المزيد
الاستلاب والارتداد : الإسلام بين غارودي ونصر أبو زيد