لقد أفاض المؤلف في هذا الكتاب القول في التعريف بخلقين من أخلاق المؤمنين المسلمين (الصبر والشكر) حيث استقصى ما ورد في بيان منزلة كل خلق منهما, مستدلاً بآيات الكتاب الكريم, وأحاديث النبي الأمين صلى الله عليه وسلم. معرجاً على آثار الصحابة والتابعين, وأعلام الزهاد والصابرين. كما عرج المؤلف على قضية كثر الجل حولها, فعقد مناظرة بين فريقين, فريق يرى تفضيل الغنى على الفقر, وفريق يرى العكس, حيث أدلى الفريق الثاني بأدلته بترجيح حال الفقير الصابر على الغني الشاكر, ومن ثم رد عليهم الفريق الأول مفندين مستدلين بما يرونه الحق. وقد خلص الإمام من ذلك كله الى القول بأن التفضيل في الإسلام ليس إلا بالتقوى: (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى). فالفضيلة للغني الشاكر بمقدار تقواه, وكذلك الحال بالنسبة للفقير الصابر. وقد بين رحمه الله تعالى بالبيان الواضح الجلي الذي لا لبس فيه أن الإنسان المؤمن هو بحاجة للصبر والشكر في نفس الوقت, ولكن قد يغلب أحدهما على الآخر في بعض الأحيان. فالغنى بحاجة الى صبر وشكر, والفقر بحاجة إليهما أيضاً, حتى يبقى الإنسان واقفاً عند حدود الله تعالى مستحقاً للثواب منه تفضلاً. ونظراً لأهمية هذا الكتاب, ودقة معالجته لهذا الموضوع فقد كثرت العناية به وتعددت طبعاته.