بينما كان البريطانيون يُفاوضون الشريف حسين، باشروا سراً مفاوضات موازية مع فرنسا وروسيا القيصرية لتقاسم تركة الدولة العثمانية، وتحديداً الولايات العربية. قاد المفاوضات التي استمرت أشهراً عبر تبادل الرسائل، السير إدوارد غراي، وزير الدولة للشؤون الخارجية من الجانب البريطاني، والسفير بول كومبون، سفير فرنسا لدى بريطانيا من الجانب الفرنسي. أما التوقيع فتم في "داونينغ ستريت" يوم 16 مايو/أيار 1916 بقلم كل من مارك سايكس، الموظف السامي في وزارة الخارجية البريطانية، وفرانسو جورج بيكو، السكرتير الأول في السفارة الفرنسية بلندن. وأسفرت المفاوضات عن الاتفاق على تقاسُم ما أصبح يُعرف لاحقاً بالشرق الأوسط بعد تجزئته إلى خمس مناطق. وكان يُقصد بـ "الشرق الأوسط" الفضاء المُمتد من البحر الأسود شمالاً إلى المتوسط جنوباً، ومن البحر الأحمر غرباً إلى المحيط الهندي شرقاً فبحر قزوين، مع المحافظة على الوضع القائم في شبه جزيرة العرب.

عن الطريق إلى سايكس – بيكو وكواليس انهيار الإمبراطورية العثمانية والتحولات السياسية لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى ونتائجها يكتب ثمان باحثون عرب في هذا الكتاب؛ تسبقها "مقدمة" للإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة؛ فكتب "سيار الجميل" عن العراق ثم عن بلاد الشام خلال الحرب العالمية الأولى. وعن الآثار السياسية والاقتصادية والثقافية للحرب العالمية الأولى على فلسطين والأردن كتب "علي محافظة". بينما سلط الضوء على مصر والحرب العالمية الأولى للفترة (1914–1918) "علي عفيفي علي غازي". وقدم "أحمد إبراهيم أبو شوك" مقاربة تحليلية عن الحرب العالمية الأولى وتداعياتها على السودان. وتناول " عبد المجيد الجمل" الوطنيون الليبيون والصراع بين دول التحالف ودول المحور. وأما "فيصل الشريف" فأحاط بعملية مشاركة التونسيين في الحرب العالمية الأولى. ثم عن مشاركة الجزائر والحرب العالمية الأولى كتبت وهيبة قطوش. وأما "محمد بكراوي" فتحدث عن مساهمة المغرب في المجهود الحربي الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى. واختتم الكتاب بمسرد تاريخي عن "سير الأحداث" في أبرز المعارك العسكرية الكبرى سواء في البلاد العربية أم خارجها، مع الإشارة إلى الأحداث السياسية التي سبقت اندلاع الحرب وتلك التي تخلَّلتها، بالإضافة لأهم نتائجها وخاصة على صعيد العالم العربي.