ظَهَرَ المَيْلُ عِندَ البَشَرِ إلى اكتِشَافِ الغَيْبِ والمَحْجُوبِ مُنْذُ وُجِدُوا على ظَهْرِ الأرْضِ, لأنَّ مَرَدَّ هذا المَيْلِ إلى طَبِيعَةِ البَشَرِ النَّزَّاعَةِ بِفِطْرَتِهَا إلى مَعْرِفَةِ المَجْهُولِ، وهِيَ مَعْرفَةٌ تُرادُ لِذاتِهَا أصْلاً وإنْ جَرَتْ العَادَةُ باتِّخَاذِهَا أدَاةً لِبُلوغِ غَايَاتٍ ما، ومِنْ هنا كَانَ التَّنَبُّؤ بِالغَيْبِ مَثَارَ افْتِتَانِ الشُّعُوبِ في كُلِّ زَمَانٍ ومَكانٍ. ولَيْسَ يَنْفِي هذا مَا يُلحَظُ مِنْ أثَرِ انْتِشَار "العلم" في إضْعَافِ هذا المَيْلِ عِنْدَ النَّاسِ, إذ لَيْسَ العِلمُ في كُلِّ صُوَرِهِ إلَّا مُحَاوَلةٌ ترْمِي إلى اكْتِشَافِ المَجْهُولِ، فلا يُغَيِّرُ اخْتِلافُ المَنَاهِجِ وَتَبَايُنُ المَقاصِدِ مِنَ هذه الحَقِيقةِ كَثِيرَاً.يحَاولُ هَذَا الكتاب أنْ يُؤَرِّخَ وِجْهَاتِ النَّظَرِ الإسْلامِيَّةَ فِي أكْثَرِ أسَالِيْبِ التَّنَبُّؤِ شُهْرَةً, وَأنْ يَتَتَبَّعَ أصُولَهَا في القُرْآنِ الكَريْمِ وَالتُّرَاثِ الإسْلامِيِّ على وَجْهِ الإجْمَالِ.
Share message here, إقرأ المزيد
التنبؤ بالغيب عند مفكري الإسلام