إن الظاهرة الفنية التي يمثلها شعر الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي واحدة من الظواهر الفنية العامة في تاريخ الشعر العربي التي لم تتم -بعد- دراسة جميع جوانبها وأبعادها، رغم ما تميزت به من خصائص فنية مختلفة -أو متميزة- عن الخصائص العامة الرئيسية لبقية الشعر الجاهلي.
وقد تجسدت خصائص شعر الصعاليك أكثر ما يكون وضوحاً وأبلغ ما يكون بياناً في شعر "أكثرهم دوراناً على الألسنة، وهم تأبط شراً والشنفري وعروة بن الورد"، وقد حظي الأخيران بما لم يحظ به تأبط شراً من الدراسة والبحث، سواء من حيث الجوانب الفنية والإبداعية واللغوية في شعره هو، أو من حيث دلالة شعره على بعض الخصائص الفنية لشعر الصعاليك خاصة، وللشعر الجاهلي عامة، فضلاً عما تتيحه دراسته من إضاءة لبعض جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية للعرب في العصر الجاهلي.
ولم يكن ذلك ليحدث لولا غياب ديوان له يجمع شعره المتفرق، ويضم أشلاءه ومزقه التي توزعتها كتب الأدب واللغة، فضاعت معالمه في هذا الخضم، وشاهت صورته الفنية والاجتماعية حتى غلبت عليها -عند العديد من دارسي تاريخ الأدب العربي- أخطاء وأغلاط كثيرة، ولم تتحر في تناوله الدقة الوافية والإدراك المتكامل، ولم يقع عليه الاختيار ليكون محل نظر وتأمل، بل كان الشنفري وعروة أقرب منالاً لتوفر ديوانيها.
Share message here, إقرأ المزيد
ديوان تأبط شراً وأخباره