"من اليوم الذي ألفْت فيه السفر والترحال لم يمضِ عليّ يوم دون أن أُدون فيها اعترافات الأمكنة وأستجلب لوحات تلك البلدان والأقطار واسترد أحداثها ومختلف صورها العالقة بين جدران ذاكرتي، أرصفها وأجمعها في قالب من البيان السردي واللغوي بالقدر الذي اكتنزته الذاكرة من التفاصيل التي لمحتها عيناي ولامست بأجوائها لحظاتي التي عشتها بين أراضيها متنقلاً بين مشاهدها التي سُكبت بقلبي قبل تسكعي بين طُرقاتها، وكأنها حدثت بالفعل قبل لحظات فأراها تنزلق بين أثير الحبر والورق جالبة معها روائح ومشاعر؛ ألوان الأشياء وحركات الناس، واتجاهات الطرق وعربات الباعة، ولحظات أخرى عديدة من المؤكد أنها فرت من الذاكرة، أو غدر بها الزمان ماحيّاً إياها من ذاكرتي.
تظل كُل الرحلات مُشبعة بالكثير من العجائب مُحملة بالكثير من الانطباعات العديدة التي شاهدتها، وحافلة بشتى الأحداث التي علقت بذاكرتي، لهذا انحاز السرد في أدب الرحلات إلى الارتحال الدائم من قمة جبل إلى قاع بحر ومن حواري المغرب إلى غابات سلوفينيا، وعلى إثر ذلك أكتب ما يستحق التحدث عنه في نظري؛ وما رغبت أن يستشعره القارئ ويعيش جانباً من تلك اللحظات المُفعمة بالسحر والجمال الفائض عن الوصف، فبين دفتي هذا الكتاب بعض قليل من كُل كثير من روائع الأمكنة التي اعتمرت أسفاري وشاهدتها في رحلاتي واستطاعت ذاكرتي استجلابها لكي أضعها بين يديّ من يرنو بتذوقها ويستمتع بقراءتها".
Share message here, إقرأ المزيد
لوحات على جدار الذاكرة