يأتي هذا الديوان الذي يكشف عن كنوز جديدة متزامناً مع الاحتفال بالمئوية الثامنة لوفاة ابن عربي (1438 - 638)، وهي ذكرى مهمة لا بد أن تعطى العناية التي تستحقها. ويأمل المحقق في أن تهتم الشارقة السنة المقبلة، وهي تحتفي بكونها عاصمة عالمية للكتاب، بإشراف «اليونيسكو» التي مولت مشروع تحقيق وإصدار «الفتوحات المكية» على يد الباحث عثمان يحيى، بتنظيم نشاطات حول ما تركه لنا الكاتب الكبير. فنحن أمام إرث «يعكس تطور الحياة الفكريَّة والروحيَّة لواحد من أعظم عُرَفَاءِ المسلمين وحُكمائهم، ويعطي صورة عن الإنسان في هشاشته حينما يَرِقُّ وحينما يُحِب، وحينما يتذلّل ويتولَّه، وحينما يتعرَّف ويتقَرَّب، بقدر ما يعطي صورة عن عرفانيَّته الهائلة، وفيض روحانيَّته التي ما فتئت تُغذِّي نُخَبَ علماء الشرق والغرب منذ أزيد من 800 سنة». ويعتبر ابن عرفة أن «هذا التراث الهائل سيجدِّد الحياة الفكريَّة والمعرفيَّة والأدبيَّة والروحيَّة والفنيَّة، وسَيُثْرِيهَا بشكل كبير في وقت انحسر فيه الشعر العربي الحديث، ووصل إلى طريق مسدود، بعدما اختطفته جهات جَهِدَتْ في إقامة جِدارِ فَصْلٍ عازلٍ مع جمالية الوزن والموسيقى والإيقاع».
ومن كشوف ابن عرفة في هذا الكتاب تبيانه أن اسم محيي الدين بن عربي كما نعرفه هو تشويه مقصود لاسمه الحقيقي الذي يضعه على الغلاف، معتبراً أن اسم الشيخ الأكبر هو محيي الدين بن العربي الحاتمي. وفي رأي ابن عرفة أن «تنكير اسم الرجل لم يأتِ مصادفة، بل هو فعل كان مقصوداً من قبل متطرفين لم ترق لهم أفكار الرجل الجليل، ولا كتاباته أو رؤاه العرفانية». ولذلك، فإن تصحيح اسمه واجب لرد الاعتبار إليه، تماماً كما إخراج أعماله من ظلمات المكتبات. وهذا الإصدار هو بالفعل بشرى سارة لكل محبي ابن العربي لأن الديوان الكبير يصدر ليس فقط محققاً، وإنما مشروحاً أيضاً من قبل الشيخ الأكبر نفسه. ففي كتبه النثرية ما يضيء على الكتابات الشعرية، خصوصاً ما ورد في «الفتوحات المكية»، وهي كتابات استفاد منها ابن عرفة ليوضح للقارئ المقاصد في ديوان فيه من الروحانيات والزهد بقدر ما فيه من حب الحياة والغزليات والعشق.
Share message here, إقرأ المزيد
الديوان الكبير لابن العربي الحاتمي