هو تحليل وتذوق ومختارات من شعر ابن الرومي. فابن الرومي كان ملماً بعلوم عصره، واقفاً على الفلسفة اليونانية والآداب الفارسية، واسع الإطلاع على الكلام وفرقه، والمنطق وأصوله، سخي القريحة، طويل النفس، غزير النظم متنوع الأغراض. وقد خالف شعراء عصره في النظرة الفنية إلى الشعر، وفي عملية إخراجه تصميماً وتأليفاً. فليس الشعر في نظره أسلوباً من الكلام فائقاً في مدح شخص أو هجائه أو رثائه، أو في وصف حاله، أو في ابداء رأي. إنما هو التعبير عن شخصيته في متقلب ظروف الحياة عليها. يقرض الشعر كما يأكل، ويشرب، وينام، ويفكر، ويحدث. حاجته إليه، حاجته إلى التنفس، والغذاء، وسائر مقومات العيش، له في نظمه وتذوقه، لذة تعادل لذائذه المادية، استمتاعاً حتى التهالك والاستهتار. فلا فاصل في حياته، بين اللذائذ، ولا تمايز، ولا تنسيق... حتى ليصح القول: إن شعر ابن الرومي، إنما هو شخصيته منظومة بإخلاص، وصراحة وطبيعية.