بوسعنا الإفتراض أن في إمكان عالمنا العربي، الذي يدّمره التنوير والتوهيم معاً، أن يُجدّد فلسفة تطوّره وتقدمه، إنطلاقاً من جغرافيته الحضارية وتنوّعاتها الفكرية.
فالصراع العالمي بين العقلانية والجهلانية، وبين العلمانية والأصوليات، ما برح في اوجه، وقد أخذ ينقضّ على أجزاء كبرى من العالم العربي، ولكن بفورات تشي بثورات جذرية وأيضاً بحروب أهلية مُدّمرة.
ففي هذا العلام المشغول حالياً يتفكّكه، يُلاحظ تفكّك "فقه التحجُّر" ببطء، إنما بثبات لصالح تيارات التطور العالمي / العلماني العالمي، خصوصاً بعدما صارت الظلامية حكراً على جماعاتٍ سلفية مسلَّحة وإرهابية، بمعنى لباسها لبوس "التدين" لسلوكها المعادي للحريّات او الليبراليّات...
هذه الجماعات السلفية المُحاربة للعلم بأوهامها، إنما تذرُّ الجثث على تحوّلات العرب التاريخية الراهنة: رفض العرب لعبادة الحجر، وتركيزهم أكثر على مسارات التطور البشري، بعدما أطال "فقهاء المُحال" النظر في "الحجر"، فتحَّجروا في نصوص وأحاديث يعزونها إلى "آخر أكبر"، بينما تتواصل الأحداث التي تحتاج إلى فلسفات تطوّرية تحلُّلها بمنهجية عقلانية، بعيداً عن فقاهات "الإحتباس الفكري".
لقد أخذ التحديث يُحطِّم بتقنياته وإبداعاته المتواصلة، الأبراج الموميائيّة التي يتخَّفى فيها زعماء "الحلول الدينية السياسية"، فصارت معاصرةُ العالم بعلم تطوراً نجد ذاته، سيترّتب عليه تحوّلٌ عقلاني كبير، خصوصاً إذا ما أُزيلّ كُلياً وهم: "المعاصرة حجاب".