"تتركز موضوعات هذا الكتاب على تحدي "التنويع الاقتصادي" الذي تواجهه بلدان مجلس التعاون الخليجي منذ اكتشاف النفط، وبداية استنزافه لتحقيق الرفاه المادي لشعوب المنطقة، مع السعي لإيجاد بدائل له تحول دون تراجع الرفاه الحالي الذي تعيشه منطقة الخليج. فجهود تطوير البدائل ما زالت متواضعة حتى الآن على الرغم من كل الدعايات التي تروّجها حكومات المنطقة أو القوى الأخرى المستفيدة من النموذج التنموي الحالي. لذلك فإن الكتاب هو محاولة للتذكير بأهمية إعادة النظر في المسار التنموي الحالي لهذه البلدان على عدة محاور. فبدايةً، لا بد من استيعاب تجارب البلدان التي نجحت في تنويع هياكلها الاقتصادية وتحقيق نمواً ذاتياً ودائماً، والتي تشير إلى أنه لا تنويع اقتصادي من غير تصنيع ولا تصنيع من غير إنتاج سلع وخدمات نوعية موجهة للتصدير في ظل حماية مقيدة ببعد زمني وبكفاءة الأداء. بعد ذلك ينتقل الكتاب إلى محاولة فهم أسباب إخفاق التصنيع في بلدان الخليج ويقدم تحليلاً نقدياً للرؤى الاقتصادية الحالية. وأخيراً يضع الكتاب خطوطاً عريضة لتغيير المسار التنموي لهذه البلدان في السنوات القادمة، تبدأ بتصحيح العقد الاجتماعي الحالي بين الحكومات وشعوبها وبناء مجتمع يكون فيه الجميع شركاء، ومن ثم بناء مؤسسات تجسّد المواطنة الواحدة وتغرس روح العمل والجهد بين كل فئات المجتمعات، وتنبثق منها سياسات تصحّح الاختلالات والتصدعات الحالية بأشكالها في كل بلد وبين هذه البلدان، وتكون هذه السياسات أرضية صلبة لبناء اقتصاد جديد يجعل هذه البلدان تتعامل مع غيرها من موقف الندية بدل التبعية وهذا بدوره سيمكّنها من تحقيق أهدافها التنموية وعلى رأسها التنويع الاقتصادي المنشود، ولكنه طريق يحتاج إلى صدق النيات وبذل الجهود والصبر لأن الثمار تحتاج وقتاً لتنضج، والإنجازات لا تتحقق إلا بالعمل والأمل معاً.
Share message here, إقرأ المزيد
مجلس التعاون الخليجي بين التنويع الاقتصادي والمستقبل المجهول