يَدُور الإشكال الّذي ينطوي عليه مصنّفنا على السّؤال المركزي الآتي: هل يمكن تشييد مجتمع ديمقراطيّ قوامه الحريّة والاستقلاليّة من دون ترسيخ ضربٍ من الوعي بالحق الإبّيستِمي-الأخلاقي في الاعتقاد وفي الامتناع عن الاعتقاد؟
ومن أجل إخضاع إشكالنا هذا لِمِحَكَّي الدّراسة والفحص ارتأينا تفريعه إلى مجموعة من الأسئلة، أهمها: هل يصمد الاعتقاد الدّيني الأعمى أمام
الاستدلال المنطقي الصّارم؟ أليس مشروعًا، من وجهة نظر إبّيستِمية-أخلاقية، أن ينزع الإنسان إلى الامتناع عن الاعتقاد في ظلّ غياب حجج تسوِّغ صدق الاعتقادات الدّينية السّائدة؟ كيف يمكن أن نضمن للإنسان الممتنع عن الاعتقاد التمتّع بهذا الحقّ داخل مجتمع ذي أغلبية تركن إلى الاعتقاد من دون الاستناد إلى مسوِّغات؟ أيُعَدُّ الاعتقاد (الدّيني) حالة ذهنيّة عقلانيّة مشروعة من وجهة نظر إبّيستِمية-أخلاقية؟ وهل يُعد الامتناع عن الاعتقاد (الدّيني) حالة ذهنية لاعقلانية تفتقد المشروعية الإبّيستِمية-الأخلاقية؟
ألا يحقّ للإنسان أن ينزع إلى الاعتقاد بوجود الله؟ أ يحقّ للممتنعين عن الاعتقاد صدّه بتعلة تدنيس الفضائل الإبّيستِمية؟ هل في مكنتهم أن يأتوا بحجيّة كافيّة تُبطل ذلك النّزوع؟ ألا يحق للإنسان أن ينزع إلى الامتناع عن الاعتقاد بوجود الله؟ أ يحقّ للمعتقدين صدّه بسبب وقوعه في الخطيئة العظمى؟ هل في مكنتهم أن يأتوا بحجيّة كافيّة تُبطل ذلك النزوع؟ ألا يحقّ لكلّ شخصٍ أن يسلك السبيلَ الذي ارتضاه لنفسه؟