يشكل الكتاب تجربة شعرية تشاركية فريدة من نوعها، قلما شهد تاريخ الشعر مثلها إلا في بعض تجارب معدودة. لم يقم الكتاب على تشارك الشاعرين لنصوصهما، بل على امتزاج النصوص والأفكار والأخيلة، حتى إننا لا نستطيع أن نعرف من كتب هذه الفقرة، أو اقترح ذلك السطر. فالآثار كلها مخفية ببراعة لصالح إبراز صوت واحد، في عملية كتابية تقوم على التخلي عن الأنا من أجل تبني "النحن".
يستكشف الشاعران في "مدينتان" مساحة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالمدينة كالحياة الحضرية والاغتراب والعزلة والرغبات والهوية والتذكر والتغيير. ولهذا تبدو القصائد بحثاً عن حياة ومعنى في زحام المدينة وصخبها. في الوقت ذاته تخضع تلك الحياة للمقارنة مع حياة مدينة أخرى، لكن الغريب أننا لا نعرف هل ثمة مدينة تحيل على الأخرى، أم أن لكل من المدينتين كيانها الخاص، أم أننا حيال مدينة انقسمت إلى اثنتين؟! يُصوّر الكتاب الوصول إلى المدن الجديدة بوصفه نجاةً، لكنها نجاة فظيعة لأن الناجين باتوا محكومين مثل الأشباح بمراقبة الناس "وهم يمضون أيضًا كأشباح إلى عزلاتهم.























