ثمّ قام ونظر إليّ لثوانٍ بصمت.. نظرت إليه ونظر إليّ، والحرب لم تبدأ خارج البيت بل بدأت من تلك النظرات الأخيرة التي مضت في سكون.. مع عبارة "انتبهي لنفسك".. كنت أهزّ رأسي أيضًا بصمت، كنتُ أعرف أنّه عندما نكون في وسط الحرب فإنَّ عبارة مثل "انتبهي لنفسك" تعني "أحبّكِ". كان يريد أن يترك البيت. كم كنت أحبّ أن آخذ بيده ولو لثوانٍ أنظر فيها إليه أكثر ولكنَّني لم أفعل ولم أكن أريد، كنتُ أعرف أنّ الرجل الذي يعشق أسرته يجب أن تكون زوجته مثله، قوية. نظر إلى الخلف وقال:
- انتبهي للبنات.. حضّري أغراضكِ الضرورية، ولو اضطررتِ لترك القرية اتركيها بسرعة، وإن استشهدتُ أرجو منكِ أن تكوني صبورة لأنكِ تواسين زينب سلام الله عليها.