تُطرح أمام حزب الله إشكاليَّات حول طبيعة دوره في لبنان والمنطقة، ورؤيته للدَّولة الَّتي يعيش في ظلِّ قوانينها، وللوطن الَّذي يدافع عنه، وأصبحت هذه الإشكاليَّات شائكة بعدما تحوَّل إلى قوَّة مؤثِّرة في مسار التحوُّلات إلاقليميَّة، بفعل مشاركاته الفاعلة خارج حدود وطنه ودولته وجدت من الضروري معالجة هذه الإشكاليَّات، وتقديم رؤية حزب الله للدَّولة، وفهمه للعلاقة بها في مجتمع متنوِّع، وعمدت إلى المزاوجة بين تقديم الرؤية، وعرض المسار التاريخي، بما يسهم في إيضاح الفكرة، وتقديم الأدلَّة والشواهد عليها. وبناءً عليه، فإنَّ الوقائع والحقائق الَّتي تُنشر لأوَّل مرَّة، بدءًا من محاضر الجلسات التأسيسيَّة لحزب الله، وصولًا إلى التدخُّل في سورية، وما بينهما من محطَّات تاريخيَّة، ومنها حرب تموز، يتمُّ الكشف عنها في المتن، أو في الهوامش في سياق متسلسل مرتبط بالفكرة الجوهريَّة لهذا الكتاب، ألا وهي قصَّة حزب الله مع الدَّولة في لبنان، وقصَّة الدَّولة بسلطاتها المتعاقبة معه، كمقاومة ضدَّ الاحتلال، أو كحزب سياسي له دوره في الشأن العام لا تستقيم معالجة ما هو مطروح أمام حزب الله من دون العودة إلى ألاصول الَّتي يستقي منها رؤيته للوطن والدَّولة، وهل تتيح له التعايش مع دولة لا تطبِّق فكره الدِّيني والسياسي؟ وهو المؤمن بمبدأ ولاية الفقيه العابر للحدود لقد احتاج ذلك كلُّه إلى الإطلالة على التاريخ من زاوية تشكُّل لبنان، كوطن ودولة، ودورالجماعات التاريخيَّة في هذا التشكُّل، ومن بينها الجماعة التاريخيَّة الَّتي ينتمي إليها حزب الله.