في عالمنا اليوم، يهيمن خطابٌ نفسيٌّ يُفرط في تبسيط النفس البشرية، منتزعًا منها غموضها العميق، وجمالها المربك، وألغازها التي تحمل في طياتها الألم والانكسار. إنه خطاب يجلد التناقضات الإنسانية تحت شعارات براقة من السيطرة الذهنية المطلقة، والفردانية المعزولة عن الآخرين، وكأن النفس مجرد "جهاز ذهني" يمكن ضبطه وفق "تعليمات استخدام" جامدة، لا تعبأ بنداءات الداخل، ولا تنحني أمام الرغبات والعذابات التي تتجاوز حدود "المنطق السليم".لسنا هنا بصدد الدفاع عن مدرسة علاجية بعينها أو انتقاد أخرى، بل نكشف خطيئة هذا الخطاب في اختزاله المفرط للتجربة الإنسانية. إنه خطاب يتنكر لمساحة اللاوعي الهائلة التي تحكم حياتنا، ويدّعي إمكانية التحكم الكامل بالأفكار والمشاعر، مُصادرًا بذلك الألم والفشل، وهما عنصران جوهريان يضفيان على الحياة معناها الملتبس. فالحياة الأصيلة ليست بالضرورة حياة سعيدة، لكنها قد تكون غنية بالمعنى، حتى وسط العثرات والانكسارات.
Share message here, إقرأ المزيد
احترام الألم : تمارين في تهذيب العطش