الإمام الغزالي (أبو حامد محمد بن محمد الغزالي)، غنيٌّ عن التعريف، فهو أعجوبة زمانه، ومجدِّد القرن الخامس الهجري، حكيم متكلِّم، فقيه، مجتهد، بحر في كثير من العلوم، وله عشرات المؤلفات. وأما كتابه هذا "المستصفى من علم الأصول" فهو من عيون كتب أصول علم الفقه، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. حتى صار محط أنظار العلماء من المالكية والحنابلة والشافعية، فانكبوا عليه دراسة وشرحاً وتعليقاً. بدأه بمقدمة في علم المنطق، لينتقل بعدها إلى أقسام الأحكام الخمسة من واجب ومحظور ومباح ومندوب ومكروه، ثم شرح أركان الحكم وبعدها أدلة الأحكام. كما بيَّن الأصول المتفق عليها، والأصول المختلف فيها وتطرَّق إلى طرق الاستنباط، وختم بالحديث عن الاجتهاد (أركانه وأحكامه وشروط المجتهد) والتقليد والاستفتاء والترجيح وطرقه. وقد حقق الكتاب استاذ جامعي مختص بعلم الأصول، فلم يترك شاردة أو واردة في موضوع الكتاب إلا أحصاها، وقدَّم له بمقدمة علمية وافية قاربت المئة صفحة، وختمه بفهارس علمية تيِّسر على الباحث الرجوع إلى مبتغاه بسهولة ويسر. فجاءت هذه الطبعة، والحمد لله، من أجمل الطبعات وأغناها.