هذه السورة: سورة الفاتحة افتتح الحق عز وجل بها كتابه الحكيم، وقرآنه الكريم، يعلن فيها للعالم جوامع دعوة القرآن، وإجمال مقاصد الإسلام، بل مقاصد الر... سالات والكتب السابقة أيضاً. ويبين فيها فرض الرب على العبد، ويهدي إلى مطالب العبد التي يسألها الرب، فمن ثم كانت فاتحة الكتاب وأم الكتاب، وأم القرآن، وجبت قراءتها في الصلوات، وأخذت تلهج بها الألسن وتضرع القلوب في المحاريب وسائر الأماكن والأوقات.

وليس أحق بالمسلم أن يعرفه، وبأي مثقف يريد معرفة الإسلام أن يدرسه من هذه السورة، التي هي شعار الإسلام اليومي، ورمزه الإعلاني والإعلامي حتى إن من علم تفسيرها كان كمن علم جميع القرآن، وجميع الكتب المنزلة قبل القرآن.

وقد عني العلماء الأعلام في كل العصور بتفسيرها، وبيان دقائق معانيها وحكمها وفضائلها، عناية لا مزيد عليها، بما وسعوه في تفاسيرهم، وبما أفردوه من مؤلفات خاصة بتفسير سورة الفاتحة أو دعوها نفائس أفكارهم، في مؤلفات كثيرة، من مطبوعات ومخطوطات، تملأ مكتبة كاملة، ويبلغ بعضها المئات من الصفحات، ثم تجد في كل واحد منها ما لا تجده في غيره من المعارف والمعلومات.

ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى دراسة هذه السورة بلغة العصر وأساليبه، لاسيما وأن ما وجدناه للمعاصرين في تفسيرها إنما هو أبحاث عاطفية إنشائية، لا تتناسب مع جلالة السورة، ولا تقدم للمسلم من العمق والأبعاد اللازمة في الشرح والفهم ما يجب أن يتزود به المسلم في تفسير سورة هي أم القرآن، يقرؤها كل يوم مرات وكرات.