يدور موضوع كتاب "مع التابعين" للداعية الإسلامي "عمرو خالد" حول جيل التابعين. بدايةً؛ من التابعون؟ ومن أين جاءت هذه التسمية؟ التابعون كما يقول الكاتب: هم الجيل التالي للنبي ? بمعنى أنهم رأوا الصحابة، ولم يَرَوا النبي ?. والصحابي هو من رأى النبي وكان مسلماً، فإن لم يكن مسلماً فليس بصحابي.. فإذا دخل أحدٌ المدينة بعد وفاة النبي بيومٍ واحد فلا يكون صحابياً، بل تابعياً (...). وأن الله (سبحانه وتعالى) هو الذي سماهم التابعين، وهي تسمية توحي بالتفاؤل والأمل؛ فالتابع هو الذي يتبع الخطى النبوية من السيرة العطرة.. فهم أناس أوفياء مخلصون تبعوا خطى نبيهم وصحابته فاستحقوا هذا الاسم من الله. وقد أشار القرآن الكريم إلى هؤلاء التابعين في أكثر من موضع، كما أشار إلى التابعين في أمم أخرى؛ فقال تعالى: ?وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ? (التوبة: 100). وفي هذه الآية يرى الكاتب "أن الله (عز وجل) قد أدخل التابعين مع المهاجرين والأنصار، وأما التابعون فهم الذين اتبعوهم بإحسان، ومن ثَمَّ فمن التكريم لهم أن ذكرهم الله في موضع الثناء بعد السابقين الأولين، ومن الآية نفهم أن القرآن الكريم هو الذي سماهم التابعين. تكمن أهمية دور التابعين وتلمس سيرتهم العطرة مع صفحات هذا الكتاب من كونهم ساهموا في نشر دين الإسلام في المشارق والمغارب؛ ففضلهم كبير على المسلمين في مصر وإفريقيا وفي أوروبا وفي العراق وفي إيران، حتى الصين، فهم الذين وضعوا أسس الحضارة الإسلامية في العالم كله، وهم الذين استوعبوا - مع الفتوحات الإسلامية وبعدها – حضارات الآخرين وفهموها جيداً فقدموا الإسلام خالصاً نقياً؛ حتى تنوعت أنشطتهم من العلم إلى الأدب إلى القضاء إلى السياسة إلى فنون من العبادة والزهد والفلسفة الأخلاقية. مما يدل على أن فضلهم كبير على المسلمين في كافة البلدان، فهم الذين أسسوا حضارة الإسلام، فكان منهم الفقهاء والعلماء، والقضاة والحكام، والعُبَّادَ والزهاد، وهؤلاء هم الذين يصطحبنا معهم عمرو خالد في هذا الكتاب. وعليه، يقدم كتاب "مع التابعين" نماذج تفخر بها أي حضارة إنسانية، ومنهم: الحسن البصري، سعيد بن المسيب، سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عمر بن عبد العزيز، عبد الله بن الزبير، المثنى بن حارثة الشيباني، السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب ?، سعيد بن جبير، أويس القرني، زين العابدين... إلخ. وهم نماذج متنوعة بين العلم والحكم والحرب والسياسة والقضاء.