يغطي الكتاب رحلات الكاتب في دول ومدن عدة وذكرياته وانطباعاته عنها بما تحتويه من تفاصيل ومكونات وعادات وتقاليد ومناسبات، وفنون معمارية منها العريق ومنها الحديث، فتحضر في الكتاب معلومات وصور بالألوان حول أهم المعالم السياحية في "الكويت"، و"أندورا"، و"تايلاند"، ومدينة كيب تاون"، و"لوساكا"، و"زيمبابوي"، و"سان مارينو"، و"ليسوتو"، و"ميانمار"، و"القاهرة"، وغيرها من دول شكلت في الكتاب لوحة فُسيْفسَائية جميلة بالألوان تغري المتلقي بالقراءة عنها وزيارتها.
قدم الكاتب أ. د محمد بن ابراهيم الدغيري لكتابه "فُسيْفسَاء المُدن" بتعريف وفيه يقول: "كان ولا يزال الحنين إلى تجربة الجديد المثير، والاحتياج إلى التجدد والفرح باصطياد المعرفة وإشباع العقل والروح، هو ما يدفعني إلى السفر، ففي الكون زوايا لم أزرها بعد، وبشراً لم أتعرف على ألوانهم وأشكالهم وتاريخهم الذي يحمل حاضرهم، ولذا حين أسافر، تتعطل كل حواسي، بل إن ذهني لا يعمل، فقط أظل في حالة دهشة دائمة، فأجمل ما في السفر دهشته، وأجمل ما في الدهشة أنها تأتي دون توقع أو استئذان، مكتفياً بالدهشة والتصوير لما أشاهده من وجوه وأشياء، بل وأيضاً من مشاعر وأفعال وأقوال، وعندما أعود أحاول تجميع تلك المشاهد وإظهارها، ومحاولة ترتيب تفاصيلها، كما لو كانت تلك المشاهد مبعثرة في ثنايا الذاكرة، ومن ثم كتابتها في هذا الكتاب على هيئة نص أدبي يمزج وقائع التاريخ بملامح الجغرافيا لتلك المدن التي أغوتني بزيارتها.
المدن على خارطة السفر كالفسيفساء جمعت جمال المعادن والزجاج والألوان، قطع بكل الأحجام مصفوفة بطريقة مقننة ومهندسة، هي كذلك المدن غاويات مغريات، خاصة تلك المتفردات منها، متفاخرة بنفسها، محتفية بأناسها وتراثها دون تقليد لغيرها أو انسلاخ عن ماضيها، فكل مدينة في هذا الكتاب تشبه نفسها، جميلة بتفردها واختلاف مزاجها، فللمدن أمزجة وأرواح كالبشر، حيث تجد واحدة سمجة الروح، وأخرى سمحة، مدينة تحبها من النظرة الأولى، وأخرى تقرر مقاطعتها وعدم العبور فوقها، وإن أراد أحدهم السفر إليها وسألني أي مدينة تقترحها للزيارة؟ أتنهد لفرط الشوق وأجيب: إن كل شريان في جسمي تسكنه مدينة، كما أن هناك مدناً لا يمكنك إلا التورط"